-
(التريكوتيلومانيا) هوس نزع الشعر القهري
تُعتبر التريكوتيلومانيا، المعروفة بالإنجليزية Trichotillomania، اضطراباً نفسياً مزمناً يتسم بالهوس القهري لنتف الشعر، ويصعب التحكم فيه. يشعر الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب برغبة ملحة في نتف الشعر، سواء لتخفيف التوتر أو القلق، ويشعرون براحة ورضا بعد ذلك. يميل الشخص المصاب عادةً إلى البحث عن شعر معين أو ملمس مختلف عن الشعر الآخر. يمكن مشاهدة هذا الاضطراب لدى الأفراد في مختلف الفئات العمرية، ولم تبدأ التوعية حوله في الإعلام العربي بشكل كاف حتى وقت متأخر، نظراً لندرة المصابين به والذين لا يتجاوزون نسبة قليلة من البشر، ويقال إن نصفهم لا يتلقون العلاج حسب ما ذكره بعض الاختصاصيين.
يتمثل هذا الاضطراب في نتف الشعر من مناطق مختلفة من الجسم مثل الرأس والحاجبين والرموش والإبطين، وقد يتجاوز ذلك الحدود ليشمل نتف الشعر من السجاد والبطانيات والدمى والحيوانات الأليفة. تختلف شدة وتواتر نزع الشعر من شخص لآخر بحسب شدة الاضطراب ونوعه، سواء كان اندفاعياً أو قهرياً أو تلقائياً. بعض المصابين يقومون بابتلاع الشعر بعد نتفه، ويحاولون إخفاء المناطق المتضررة بواسطة مستحضرات التجميل أو الشعر المستعار أو الأوشحة. غالبًا ما يمارس المصابون بهذا الاضطراب هذه العادة بعيداً عن أعين الآخرين، وقد يتجنبون الذهاب إلى صالونات التجميل أو السبا، وفي بعض الحالات قد يتجنبون التفاعل الاجتماعي الوثيق خوفاً من كشف حالتهم.
قد يؤدي نزع الشعر إلى آثار سلبية على الجلد مثل التهابات أو فقدان الشعر، وقد تسبب مضاعفات طبية مثل انسداد الأمعاء، الغثيان والقيء، وفقر الدم نتيجة لابتلاع الشعر، وفقاً دراسة نُشرت في صحيفة "today psychology" عام 2017، فإن الأسباب الدقيقة لهذا الاضطراب لا تزال غير معروفة، إلا أنه قد يكون وراثياً، أو يمكن أن يكون ناتجاً عن التوتر والقلق الناجم عن الصدمات أو العنف أو التوترات في الأسرة أو المدرسة.
يشبه هذا الاضطراب من حيث الطبيعة الوسواس القهري، مثل وسواس النظافة، ويحدث بنسب متساوية بين الذكور والإناث. عمومًا، يبدأ نزع الشعر القهري في سن الطفولة، ويمكن أن يكون متساويًا بين الجنسين، وغالبًا ما يزداد انتشاره بين الإناث بعد سن الطفولة.
في حال ملاحظة أن الأبناء يمارسون هذه العادة، يجب على الآباء والأمهات الفهم أن الأطفال لا يقصدون الإيذاء الذاتي أو جذب الانتباه، وأنهم غير قادرين على التوقف عن هذه العادة بسرعة أو بأوامر صارمة. يجب دعم الأطفال وعدم معاقبتهم، والتوعية بأن الصراعات داخل الأسرة قد تكون سبباً في ظهور هذا الاضطراب، وفي نفس الوقت، يمكن أن تكون الدعم العائلي عاملاً مساعداً في العلاج أو السيطرة على الاضطراب. ويعود عدم التوجه للعلاج في كثير من الحالات إلى عدم الوعي بأن نزع الشعر هو اضطراب يتطلب علاجاً، أو إلى الشعور بالخجل والخوف من التعرض للوصمة.
كيف تبدأ بالعلاج؟
اتجه مباشرة الى طبيب الأسرة أو الطبيب النفسي أو اختصاصي حيث يتم تقديم التقييم الطبي السريري لكل حالة على أساس فردي، وغالباً ما يتم ذلك في سياق تواجد اضطرابات أخرى. حتى الآن، يُعَتَبَر العلاج السلوكي المعرفي هو الخيار الأساسي لعلاج هذا الاضطراب، ويُنصح بالبدء فيه في سن مبكرة إذا كان ذلك ممكناً، وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه في بعض الحالات قد يكون من الفعّال دعم العلاج السلوكي بالأدوية النفسية لفترة محددة.
يُعلّم الفرد خلال العلاج السلوكي المعرفي كيفية قبول حالته ومراقبة المواقف التي يقوم فيها بنزع الشعر، ويتم تدريبه على تقنيات الاسترخاء واستبدال هذه العادة بسلوكيات أخرى، مثل شد اليد أو توجيهها نحو الأذن. قد يكون من المفيد أيضًا الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص المصابين بهذا الاضطراب لتبادل الخبرات والتجارب، بالإضافة إلى استخدام بعض الأدوية التي تهدف إلى تخفيف الانفعالات العاطفية التي تؤثر على الاضطراب.
يمكن للمعالجين أحياناً استخدام صور قبل وبعد بدء العلاج لتقييم التقدم أو الانتكاس. في بعض الحالات، يلجأ الأشخاص إلى حلاقة شعرهم تماماً كإجراء لوقف إمكانية نزعه. من المهم أيضاً أن يراقب الأهل أطفالهم إذا كانوا يعانون من هذا الاضطراب، حيث قد لا يكون الأطفال قادرين على التعبير عن مشاعرهم بوضوح وطلب المساعدة.
حرة أنا مثل شعري: صفحة على موقع فيسبوك تديرها سيدة لبنانية تقدم تجربتها الشخصية، بالإضافة إلى نصائح وتوعية حول التريكوتيلومانيا عبر معلومات صحيحة ونتائج دراسات وأبحاث حول هذا الاضطراب ويشارك العديد من الأشخاص تجاربهم الشخصية وقصصهم مع التيكوتيلومانيا على مدونتها.
العلامات
قد تحب أيضاe
تصويت / تصويت
هل العنصرية ضد المهاجرين ممنهجة أم حالات لاتعبر عن المجتمعات الجديدة؟
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!