الوضع المظلم
الخميس 07 / نوفمبر / 2024
  • أول مهاجر مصري ينظم العمالة المهاجرة في إيطاليا ويشغل مناصب دولية.

أول مهاجر مصري ينظم العمالة المهاجرة في إيطاليا ويشغل مناصب دولية.
عيسى اسكندر

روما - حصري

انقطع الحديث أكثر من مرة مع المهاجر المصري الدكتور عيسى إسكندر رئيس اتحاد العمال المصريين في إيطاليا نتيجة للاتصالات التي ترده لاستشاراته في مشاكل العمال في إيطاليا وإيجاد الحلول لها.
بدأ الحلم بالسفر إلى إنجلترا، ثم سويسرا، وبعد تجربة متعبة مرهقة لكنها لذيذة كما وصفها إسكندر استقر في إيطاليا.
عن رحلة الهجرة التي بدأت كحلم أثناء الصغر في ثمانينيات القرن الماضي كان للـ"المهاجرون الآن" وقفة مع المهاجر المصري الدكتور عيسى إسكندر: “هدفي كان شد الرحال إلى لندن بسبب تعلقي بها وحفظ أدق تفاصيلها من الشوارع وبيت الطلبة والشباب وحتى محطات المترو التي ارتسمت في ذهني بعد أحاديث من زاروها وعاشوا فيها من الشخصيات المشهورة، وكنت استرق السمع إلى ذكرياتهم أثناء تواجدي في صالون الحلاقة الذي يملكه أخي".
توجه الطالب الشاب إسكندر ببساطة ابن البلد إلى السفارة البريطانية في القاهرة للحصول على تأشيرة الدخول، حاملاً معه جواز سفر خاص بالطلبة محدود المدة، وفي جيبه 50 جنيه إسترليني حسب ما يسمح به القانون أنداك، وبعد تقديم طلب التأشيرة، صدمه الموظف بأن الملكة "اليزابيتا الثانية" زعلانة منه لأنه لم يكن صريحاً معها، وكان اسلوباً لطيفاً في التشكيك بنية عودة إسكندر إلى مصر، وهنا كانت الصدمة بانتهاء الحلم حسب إسكندر.
أثناء طريق العودة وفي طريق السفارات، رأى إسكندر العلم السويسري، فقرر السفر إلى سويسرا مدفوعاً بتحدي الشباب المستاء من رفض السفارة الإنجليزية، لكنه قرر ألا يتسبب "بزعل" السويسريين.
حصل ما لم يتوقعه في الموافقة على تأشيرة الدخول لسويسرا، سافر إليها، ولتغطية مصاريفه ومن خلال مكتب العمل السويسري وجد عملاً مؤقتاً في مطعم إيطالي، احتضنه رئيس الطهاة وساعده، لتنطلق شرارة تعلقه بإيطاليا خاصة بعدما وجد تقارب شديد بالثقافة والسلوك الاجتماعي.
انتهت فترة الإجازة، وبعد عودة إسكندر إلى مصر لإكمال دراسته، حصل على الثانوية العامة، وعقد العزم على السفر إلى إيطاليا، خاصة أنه كان على تواصل مع الأسرة الإيطالية بالأسلوب التقليدي من خلال ارسال "الكرت" التذكاري الرائج أنداك متسلحاً ببعض المفردات الإيطالية التي تعلمها من الطاهي وكتب تعليم اللغة التقليدية من غير معلم.

بداية التحدي:
يقول إسكندر لموقع "المهاجرون الآن": "زرع الشيف الإيطالي حب إيطاليا في قلبي، الأمر الذي دفعني للسفر إليها بعد حصولي على الثانوية العامة، ثم سجلت في معهد لتعليم اللغة الإيطالية، وبعد تعديل الشهادة، انتسبت إلى جامعة "پرودجا Perugia"، وسط البلاد، وتعتبر من أشهر الجامعات في تدريس اللغة الايطالية وتعليم الأجانب، كما تستقبل اعداد كبيرة من الطلبة سنوياً".
ويضيف: “درست مساق التعاون الدولي، واشتغلت أثناء الدارسة لتغطية نفقاتها، كان معي زملاء من بعض الدول العربية، وكنا نستأجر سوياً لتوزيع المصاريف علينا جميعاً".
بعد التخرج، انتقل إسكندر إلى العاصمة روما لتنوع الفرص فيها، وبسبب اتقانه للغة الإيطالية بدأ العمل في الترجمة الفورية والمحلفة، خاصة أن السلطات الإيطالية بحاجة لمن يتقن العربية بسبب كثافة المهاجرين العرب.

اتحاد العمال المصريين في إيطاليا:
من خلال عمله في الترجمة لاحظ إسكندر المشاكل والتحديات التي تواجه العمال العرب المتواجدين بكثرة في إيطاليا، وفي نهاية الثمانينيات انطلقت فكرة تأسيس اول اتحاد للعمال الأجانب في إيطاليا خاصة وأن القانون يسمح بذلك، وبعد عمل طويل أطلق في أكتوبر 1990 مع بعض الزملاء اتحاد العمال المصريين في إيطاليا.
يحدثنا إسكندر عن هذه المرحلة :"الخطوة كانت استثنائية بوقتها، وصعوبات كبيرة، بدأت التواصل مع الأقطاب السياسية والسلطات للمطالبة بحقوق العمالة الأجنبية وتنظيمها، وهنا دخلت المطبخ السياسي"، ويضيف: "واجهنا تحديات عديدة، على رأسها نشر أنشطة الاتحاد على مستوى إيطاليا، وذلك يحتاج لميزانية عالية لا نملكها، فخطرت على بالي فكرة توقيع اتفاقية توأمة مع اتحاد العمال الإيطالي "UIL"، أتاحت هذه الاتفاقية استخدام كافة مكاتبهم التي يبلغ عددها 990 مكتب في أنحاء إيطاليا، وأصبحت جميعها في متناول يد اتحاد العمال المصريين، ولدينا الصلاحية الكاملة في استخدام هذه المكاتب دون تكلفة مالية.
عمل إسكندر على مبدأ تقاطع المصالح حيث يصل عدد العمالة المصرية في إيطاليا إلى نحو 500 ألف عامل، ويعتبر ذلك مكسب كبير لاتحاد العمال الإيطالي بعد انضمام هذا العدد لهم، خصوصاً في ظل التنافس النقابي بوجود ثلاث اتحادات، ولكل منهم ميوله السياسية من اليسار إلى اليمين، وكي يبتعد إسكندر عن الاستقطاب السياسي المتطرف، وقع اختياره على الوسط، مع الاتحاد ذي الميول الاشتراكية.
قدم اتحاد العمال المصريين في إيطاليا الخدمات لكافة العمال الأجانب بغض النظر عن جنسيتهم، وساعدهم بالحصول على تصريح الاقامات والاعانات والتعويضات عن الأعمال المتعثرة، "الفكرة بدأت كمصرية ولكنها بالتوأمة مع الاتحاد الإيطالي أصبحت للجميع" حسب إسكندر.

تنظيم العمالة المهاجرة:
أخذ الاتحاد على عاتقه مساعدة العمالة المهاجرة غير الشرعية، وبدأ في تنظيمها من خلال طرح اقتراح لقوننتها وتمثلت بداية بالاستفادة من العمالة المتواجدة في إيطاليا من خلال جني المحاصيل الزراعية، وعوضاً عن استيراد العمالة من خارج إيطاليا، وصعوبة ذلك بعد اغلاق الحدود اثر وباء كورونا، وخوفا من فساد المحاصيل، طرح الاتحاد على الحكومة تسوية الأوضاع القانونية للعمالة الأجنبية، وبالتالي سيدفعون الضرائب، وستتحول إلى عمالة منتجة بطريقة منظمة وشرعية، يتابع إسكندر "لاقى هذا الطرح استحسان الحكومة وبناء عليه أقروا قانون استفاد منه الجميع".

حلول الاندماج:
معضلة الاندماج بسبب الهجرات المتوالية تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الدول، في رسم علاقات الأفراد بالمجتمع متعدد الثقافات، ولمنع الانعزال عن المجتمع الإيطالي ساهم اتحاد العمال المصريين في إيطاليا بتنفيذ مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي في عدة دول من العالم، وكان مسؤوليته في الجانب المصري، حيث عمل الاتحاد على انجاز مشروع "Format" لإدماج العاملين في المجتمع والثقافة الإيطالية بدءً من اللغة التي تزيد من فرص الحصول على عمل، "أنجزنا المرحلة الأولى من المشروع الذي ابتدأ عام 2017 ومدته 6 سنوات، نُعلم اللغة والثقافة والحضارة الإيطالية كما نمنح العمال كافة المستلزمات الدراسية، واضفنا حاليا مستلزمات الوقاية من كورونا، واتفقنا مع السفارات في كافة دول العالم لتسهيل حصول العائلة على تأشيرات لم الشمل" أضاف إسكندر.

مشاكل العمالة المهاجرة:
معظم مشاكل العمالة المهاجرة حسب إسكندر تتمثل في استغلال العامل من قبل رب العمل خاصة في قطاع المطاعم والخدمات، ويمنح القانون الإيطالي رواتب 14 شهر في السنة للعمال، ولكن صاحب المنشأة يستغل حاجة العامل المالية ويجبره على توقيع إقرار بحصوله على رواتبه الشهرية الإضافية، أيضا هناك مشاكل الحصول على مكافأة نهاية الخدمة التي يستحقها العامل وذلك حسب سنوات الخدمة، ويبرز الخلاف والنزاع في تنصل صاحب العمل من دفع المبالغ المترتبة عليه.
ويعمل اتحاد العمال المصريين في إيطاليا على إيجاد الحلول من خلال التواصل مع صاحب العمل للوصول إلى حلول توافقية سريعة عوضاً عن الدخول إلى المحاكم، "هذه المشاكل كثيرة الحصول ومعظمها نقوم بتسويتها في مكتب الاتحاد وابراء ذمة كافة الأطراف قانونياً" حسب إسكندر رئيس الاتحاد.

ازمة كورونا:
تعتبر إيطاليا من أكثر الدول المتضررة جراء جائحة كورونا، نتيجة ذلك تفاقمت مشاكل العمالة المهاجرة، وأكد إسكندر لـ "المهاجرون الآن" أن الاتحاد تحرك سريعاً بهذا الاتجاه: "اتحادات نقابات العمال في إيطاليا تشارك جميعها في وضع قوانين العمل، ومناقشة التشريعات التي تخص العمالة ان كان على المستوى الصحي أو الأمن والسلامة وغيرها، وعلى ذلك نقوم باجتماعات دورية لمناقشة الوضع العمالي، وعند بدء الجائحة طلبت لقاءات مع مجلس الوزراء الذي استجاب فوراً ووضعنا خطة فورية، أثمرت عن إقرار الحكومة الإيطالية بتعويض يصل لمقدار 80% من اجمالي الراتب، لحفظ حياة كريمة للعامل."

خدمات عابرة للقارات:
ينشط الاتحاد في خدمة العمالة المهاجرة بإيطاليا، وبناء عليه ساهم مؤخراً في شهر اذار مارس الماضي وبالتعاون مع وزارة "القوى العاملة" في مصر بإطلاق مبادرة "سجل نفسك"، ويهدف المشروع حسب إسكندر لمساعدة العمالة المصرية في الخارج وتقديم كافة الخدمات التي يحتاجونها على اختلاف أنواعها بالإضافة إلى قوننة أوضاعهم مع المؤسسات المصرية عبر نافذة إلكترونية، يسجل العامل المصري بياناته من خلالها لتسهيل التواصل معه دون أن يكون هناك استحقاقات أو التزامات على العاملين الراغبين بتسجيل أنفسهم، ويعمل الاتحاد كوسيط بين العمالة المصرية المهاجرة وبين وزارة القوى العاملة والوزارات المعنية في مصر.

كما يعمل الاتحاد على مشروع " لم الشمل" الذي يساعد عائلة العامل المصري على الالتحاق به في إيطاليا، واستفاد من هذا المشروع أكثر من 600 عائلة مصرية التحقوا برب أسرهم، وهذه الخدمة جعلت الجالية المصرية متصدرة في الاستفادة من المشروع الذي يشرف عليه الإتحاد في إيطاليا بالتعاون مع السلطات في كل من مصر وإيطاليا.

نصائـح:

ختم إسكندر اللقاء مع "المهاجرون الآن" بنصائح للعمال المهاجرين من خلال الالتزام بالقانون واحترامه، مؤكداً أن لكل شخص حقوق وواجبات، مشيراً إلى أن هناك اليمين المتطرف الصاعد في أوروبا يحاول استغلال أي خطأ من المهاجرين للهجوم عليهم، واستخدامه كذريعة و "شماعة" لسن قوانين مضادة للهجرة.
يقول إسكندر" إيطاليا دولة تحترم حقوق الانسان، وفيها قوانين لصالح المهاجر ويجب استخدامها بشكل إيجابي، كما يجب العمل على الاندماج وتفهم ثقافة المجتمع الذي يعيش فيه المهاجر، أوروبا إجمالاً تمنح الفرص للمجتهدين."

قصة ملهمة للمهاجرين الجدد:

شغل الدكتور عيسى إسكندر العديد من المناصب ومنها:

المستشار الاستراتيجي في منطقة شمال افريقيا ودول الخليج والدول العربية لشركة "ليوناردو" وتعد من الشركات العملاقة في الاقتصاد الإيطالي، وهي شركة متعددة الجنسيات ومقرها الرئيسي في روما، وتمتلك الشركة حوالي 180 موقعًا حول العالم، متخصصة في صناعة الفضاء والدفاع والأمان (طائرات الهليكوبتر، الطائرات، هياكل الطائرات، الإلكترونيات...)، وصنفت أنها ثامن أكبر مقاول دفاع في العالم عام 2018.

أيضاً يشغل منصب مدير إقليمي في "الكونفدرالية الإيطالية للتنمية الاقتصادية"، وتتبع لحكومة إقليمية في إيطاليا ويندرج تحت مظلتها حوالي 10 الاف مؤسسة من أكبر المصانع والشركات الإيطالية، كما ويعتبر أول مصري يشغل هذا المنصب.

قُلد منصب قنصل شرفي في مصر للجمعية الملاحية الإيطالية، ورئيس اتحاد الجاليات الإيطالية في العالم – فرع مصر وهي رابطة UIM ولها فروع في كافة دول العالم ولكل فرع رئيسه، يقدم الخدمات للجاليات الإيطالية، وتم الاتفاق مع السفارة الإيطالية بمصر على تقديم كافة الخدمات للجالية الإيطالية من خلال الاتحاد.

كما يدير معهد "اوريسبيس" للدراسات السياسية والاستراتيجية والاجتماعية.

تصويت / تصويت

هل الهجرة واللجوء إلى دول الغرب

عرض النتائج
الحصول على الجنسية
0%
حياة افضل
25%
كلاهما
75%

ابق على اتصال

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!