الوضع المظلم
الإثنين 23 / ديسمبر / 2024
  • محام سوري يربح قضية هي الأولى من نوعها في فرنسا

محام سوري يربح قضية هي الأولى من نوعها في فرنسا
باسم سالم
المهاجرون الآن – خاص – باريس

استطاع المحامي السوري باسم سالم تسجيل سابقة في قضايا اللجوء، ربما تكون الأولى من نوعها بتاريخ ( الأوفبرا OPFRA) أي محكمة اللجوء في فرنسا.

وكسب باسم سالم مؤخراً قضية لجوء لأسرة سورية من أصول أرمنية ويشك بحمل أفرادها لجواز السفر الأرمني، ولأن أرمينيا بلد آمن ولا يعتبر أرض حرب، فإن قوانين اللجوء في فرنسا، ومعاهدة جنيف الخاصة باللاجئين لا تنطبق على مواطني الدول الآمنة، أو الأشخاص غير المهددين بشكل شخصي في الدول التي يحملون جنسيتها، لذلك كان الحصول على لجوء لهذه العائلة الأرمنية – السورية هو سابقة في قضايا اللجوء عموماً وانجازاً مهماً يحسب لباسم سالم خصوصاً، فكيف تم ذلك ؟

في حديث خاص للـ"المهاجرون الآن" يشرح المحامي سالم ما حصل:

" بدأت القصة عندما وصل إلى السويد شاب سوري من أصول أرمنية هو وزوجته، ليلتحق بوالدته ووالده الذين لجأوا سابقاً إلى السويد وحصلوا فيما بعد على الجنسية السويدية أصولاً ليصبحوا مواطنين سويديين قانوناً.

الشاب الواصل حديثاً كان مطلوباً للخدمة العسكرية، احتياط، في سوريا وهذا الأمر معترف به في كل القوانين الأوروبية بأنه يشكل تهديداً للحياة في دولة تعيش حالة حرب وعدم استقرار سياسي مثل سوريا، ويحق للشخص حصوله على اللجوء حكماً، وهنا تقدم الشاب وزوجته بطلب لجوؤهم في السويد لكن لسوء الحظ  تزامن وصوله مع موجة وصول حالات كثيرة من طالبي اللجوء من أصول أرمنية والذين أثبتت عليهم محكمة اللجوء السويدية حملهم للجنسية الأرمنية وبالتالي رفض لجوئهم لأن أرمينيا تعتبر بلداً آمناً ولا يحق لمواطنيها الحصول على الحماية إلا لأسباب تهدد حياتهم بشكل شخصي داخل أرمينيا، وهنا بدأت القضية بمحاولة الحكومة السويدية إثبات حصول هذا الشاب على الجنسية الأرمنية بشتى الوسائل كدليل لرفض لجوئه.

تواصلت السويد مع السفارة الأرمنية في ستوكهولم لتبيان وضع صاحب القضية وجاء الرد بأن الشاب لم يحمل جواز السفر الأرمني أبداً في حياته، لكن المحكمة السويدية لم تأخذ بشهادة السفارة الأرمنية لديها، بل عادت إلى محاولة اثبات جنسيته الأرمنية وهذه المرة من السفارة الأرمنية في مدينة سانت بطرس بورغ في روسيا التي أرسلت وثائق باللغة الروسية تفيد بأن الشاب حاصل على الجنسية الأرمنية، وهي وثائق غير رسمية بل مجرد فاكس موجه من السفارة إلى المحكمة السويدية -وبالطبع هذه المعلومة ليست صحيحة وتجعلنا نتساءل هل هذا هو الأسلوب الذي تريد أن تتبعه الحكومة الروسية عندما صرح الرئيس الروسي بوتين بأنه سيسهل عودة اللاجئين؟

بناء على هذه الوثيقة الصادرة بالروسية قررت الحكومة السويدية ترحيل الرجل وزوجته إلى أرمينيا مرات عديدة وتحديد تاريخ للترحيل لكن أرمينيا كانت ترفض استقبالهم مبررة أن الشخصين المذكورين ليسا من رعاياها ولا يحملان جنسيتها.

في هذ الأثناء رزق الزوجان بطفلة، ولكن أصرت السويد على عدم منح الطفلة حق اللجوء أو حتى الحماية أيضاً أسوة بوالديها، وأيضاً عدم نسبها لأبيها واعتبارها ابنة لأم عزباء، نظراً لعدم إمكانية تثبيت زواجهما في السويد، لعدم امتلاكهم لأي أوراق نظامية في البلاد، ما اضطرهم لمخاطبة مجلس طائفتهم في سوريا واستصدار وثيقة زواج وتقديمها للحكومة السويدية أثبتوا من خلالها الزواج ونسب الطفلة وهذا ما كلفهم الكثير من التعب النفسي والوقت والمال.

بعد ذلك عاد الشاب لطلب الحماية أو اللجوء مرة أخرى ليكون رد المحكمة السويدية مرة جديدة بالرفض مستندة هذه المرة ليس فقط على الوثيقة الروسية التي تفيد بأنه مواطن أرمني، بل على كنيته المنتهية بـ ( يان) كدليل على كونه مواطن أرمني!!

خمس سنوات والشاب وزوجته وفيما بعد طفلتهما يتخبطون بقرارات المحاكم السويدية التي لا تليق ببلد يتمتع باحترام القانون وحقوق الانسان، خمس سنوات لم تمنحهم السويد أي حقوق سوى أنها سمحت لهم بالعمل.

خمس سنوات والرجل يعمل ويدفع الضرائب، ولكن ليس لديه الحق بالحصول على الأوراق السويدية التي يحصل عليها أي لاجئ آخر تبيح له حرية الحركة وتمنحه الحق بالجنسية السويدية بعد حين، ولعدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية لم يستطع فتح حساب بنكي باسمه ليستلم أجر عمله عليه، فكان الحل الوحيد هو استخراج بسبور سوري من السفارة السورية في ستوكهولم صالح لمدة عامين فقط كونه مطلوباً للخدمة الإلزامي."

الانتقال وحق اللجوء

بعد هذه الصعوبات والعقبات، قررت الأسرة الصغيرة الانتقال إلى فرنسا، وهنا جاء دور المحامي باسم سالم بإنهاء معاناتهم من خلال انتزاع قرار من محكمة اللجوء الفرنسية بمنحهم اللجوء لمدة عشر سنوات حسب معاهدة جنيف الخاصة باللاجئين وليس بالحماية فقط.

استمرت القضية لحوالي سنة ونصف كان الدفاع بطلها، ففي البداية تم رفض لجوئهم كونهم قادمين من السويد بعد العيش فيها لمدة خمس سنوات، واعتبرت فرنسا أنهم تحت اتفاقية دبلن، فكانت خطة الدفاع الأولى بكسر هذا الجانب وإخراج القضية من بنود اتفاقية دبلن قانونياً.

الخطوة الثانية والتي استند عليها السيد باسم سالم محامي الدفاع كانت تاريخ خروجهم من سوريا، والاصابة التي تعرضت لها الزوجة خلال قصف كلية الهندسة في حلب في ذات التاريخ الذي تدعي السفارة الأرمنية في سانت بطرس بورغ بأنهم كانوا في أرمينيا، الأمر الآخر حصول الزوج لجواز سفر سوري من السفارة السورية في ستوكهولم لمدة عامين فقط في حين حصول زوجته على بسبور مدته ست سنوات ما يثبت أنه مطلوب للخدمة الإلزامية، وهذا ما يعطيه حق اللجوء مثله مثل أي سوي في نفس وضعه.

المرحلة الثالثة كانت الاستئناف على قرار المحكمة بمنحهم الحماية لمدة سنة وانتزاع حكم اللجوء لمدة عشر سنوات لأول مرة لعائلة أرمنية رغم الشكوك بامتلاكهم الجواز الأرمني.

في ذات السياق يذكر أن السيد باسم استطاع ترافع سابقاً عن أسرة أرمنية في قضية مماثلة ولكن الأسرة آنذاك كانت تحمل جواز السفر الأرمني ولكنه خلال البحث والعمل على القضية توصل إلى قرار صادر من إدارة اللجوء في فرنسا قبل أربع سنوات يفيد بأن الحكومة الأرمنية تعطي تسهيلات للسوريين من أصول أرمنية ما بعد عام 2011 بمنحهم الجنسية الأرمنية خلال تسعة أشهر فقط متجاوزة بذلك قانون الجنسية الأرمني الذي يشترط العمل واللغة ومدة إقامة محددة، جعلت الأمر يصبح أسهل بحصول البعض على جواز السفر الأرمني خلال مدة لا تتجاوز الأسابيع لوجود فساد ما لجهة منح الجنسية، وبذلك بات القضاء الفرنسي يعتبر أن حامل  الجواز الأرمني لا يعني بالضرورة أنه يحمل الجنسية الأرمنية الذي مُنح لأي سوري بفترة تقل عن المدة القانونية، أي تسعة أشهر، من تاريخ وصوله إلى أرمينا واعتباره كأي وثيقة مزورة – حتى لو كان صحيح- فهو بذلك وسيلة للعبور الآمن إلى دول اللجوء بغض النظر عن كيفية الحصول عليه، هذا القرار استند إليه السيد باسم سالم في قضية الأسرة التي تحمل الجواز الأرمني لأنهم حصلوا عليه خلال أسبوع فقط من دخولهم لدولة أرمينيا وعليه حصل لهم على حق اللجوء أيضاً.

 

تصويت / تصويت

هل العنصرية ضد المهاجرين ممنهجة أم حالات لاتعبر عن المجتمعات الجديدة؟

عرض النتائج
نعم
9%
لا
0%
لا أعرف
2%

الأكثر قراءة

ابق على اتصال

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!