-
الهجرة غير الشرعية ( الحرّاقة) مستمرة في الجزائر رغم كورونا.. أرقام مخيفة ودق لناقوس الخطر
على شواطئ المتوسط الجزائرية، يحرقون أوراقهم الثبوتية، ويركبون البحر في قوارب خشبية أو مطاطية نحو أوروبا، في طلب حلمهم بالعمل والحرية والحياة الكريمة، ولذلك صار اسم هجرتهم الحرّاقة.
هذا حال شباب الجزائر والمغرب العربي إجمالاً، قي ظل فقرٍ مدقع، ومستقبل معتم في بلاد لم تعد التنمية فيها تشكل أي فارق في تدهور اقتصادي المتهاوي يوماً بعد آخر.
يعمل الشباب ليل نهار ليجمعوا ثمن تذكرة الحراقة للخلاص من من وضعهم في بلادهم .
تجارة البشر في البحر الأبيض المتوسط أصبح امتدادها يشكل خطراً على الدول النامية والفقيرة، إذ يجني المهربون نحو 6 مليارات و800 مليون دولار سنوياً، ونحو 60 ألف دولار أسبوعياً عبر البحر الأبيض المتوسط، كما تقدر قيمة تذكرة الهجرة غير الشرعية بين ألف و10 آلاف دولار أمريكي، وتختلف الأرقام حسب الدولة المصدرة للمهاجرين.
ففي دولة الجزائر، بعد أن كانت قوارب الموت أو "ظاهرة الحرّاقة" تقتصر على الشباب اليائس، والباحث عن الفردوس المفقود في الضفة الأخرى بأوروبا، تطورت هذه الظاهرة لتشمل العائلات، بجميع أفرادها، ما دفع بحقوقيين ومختصين في علم الاجتماع إلى دق ناقوس الخطر، والتحذير من تداعيات هذه الظاهرة اجتماعياً ونفسياً وأمنياً على الجزائريين.
وتشير المعطيات التي تنشرها وحدات حرس السواحل الجزائرية إلى إحباط عدة محاولات للهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، خلال الأشهر الأخيرة، حيث تمكنت خلال أسبوع من إنقاذ 755 شخصاً.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع الجزائرية قبل أكثر من شهرين، "مواصلة للجهود المبذولة من طرف قواتنا البحرية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، تمكنت وحدات حرس السواحل في الفترة الممتدة من20 إلى 25 أيلول 2020، من اعتراض وإنقاذ 755 شخصاً حاولوا الإبحار بطريقة غير شرعية، ليتم التكفل بهم من طرف المصالح المختصة للقوات البحرية.
وأضاف البيان أنه تم انتشال ثلاث جثث لمهاجرين غير شرعيين غرقوا بعد انقلاب قواربهم، إلا أن الخطير، بحسب متابعين، أن الظاهرة لم تعد تقتصر فقط على الشباب، بل انتقلت لتمس كل أفراد العائلة، والمغامرة بأرواح النساء والأطفال والشيوخ، حيث عاشت العديد من المحافظات الساحلية حوادث مأساوية.
وعلى الرغم من الإجراءات القانونية التي أقرتها الجزائر لمواجهة الظاهرة، حيث ينص قانون العقوبات على السجن لمدة ستة أشهر مع غرامات مالية لكل من يحاول مغادرة الجزائر بصفة غير قانونية، إلا أن ذلك لم يكبح جماح الراغبين في التنقل بكل الوسائل للضفة الأخرى، بحثاً عن أفق يعتبرونه الأوسع.
ودفعت الأرقام الكبيرة للمهاجرين الجزائريين، السلطات الجزائرية والإسبانية، لوضع هذه الظاهرة تحت المجهر، وربطت مصادر دبلوماسية بين الزيارة التي قادت وزيرة الداخلية الإيطالية "لوتشانا لامورجيزي"، إلى الجزائر بتوجه أوروبي عام لبحث مسائل الهجرة غير الشرعية مع دول الضفة الجنوبية للمتوسط، بعد تداول تقارير تحذر من موجات هجرة سرية مليونية من القارة الأفريقية إلى أوروبا، إذ استقبل الرئيس "عبد المجيد تبون"، لوزيرو الداخلية الإيطالية وأكد حينها على موقف الجزائر المبدأي من المسألة الجاري بحثها حتى قبل وصول ممثلة الحكومة الإيطالية للجزائر.
ويؤكد المحامي المختص في قضايا الهجرة "نسيم برهوم" لموقع "المجلة" الجزائري، أنه "لا يمكن ربط ظاهرة الهجرة غير الشرعية فقط بأسباب اقتصادية أو سياسية، بل إن للظاهرة دوافع اجتماعية وثقافية، وأسباباً أخرى تتعلق بقوانين تضيق على حرية تنقل الأفراد أصبحت تسنّها الدول الرأسمالية، وتتبعها عملياً بغلق الحدود واعتماد شروط تعجيزية لمنح التأشيرات، ما يجعل الأفراد ينزعون إلى سبل غير قانونية للخروج من أقاليم بلدانهم".
ويحمّل المحامي مسؤولية تنامي الهجرة السرية أيضاً لسياسات الهجرة التي تعتمدها الدول الرأسمالية، والتي لم تتوان في وضع القوانين المقيدة لحرية تنقل الأفراد عن طريق تخصيص حصص قليلة من التأشيرات وفرض شروط تعجيزية لمنحها، فضلاً عن اعتماد هذه البلدان على طرق تميزية وأحياناً عنصرية في منح التراخيص للدخول إلى أراضيها، مقابل فرض سلعها على بلدان الضفة الجنوبية التي تعتبرها سوقاً وفقط.
وكانت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان قد حذّرت في وقتٍ سابق من "تنامي تجارة البشر في البحر الأبيض المتوسط" التي أصبح امتدادها يشكل خطراً على الدول النامية والفقيرة، وذلك بالانتقال إلى المهربين، والذين يجدون من تهريب البشر والاتجار بهم مكسباً ماليا يضاهي التجارة بالمخدرات.
ووفقاً للرابطة، فإن المهربين يجنون نحو 6 مليارات و800 مليون دولار سنوياً، ونحو 60 ألف دولار أسبوعياً عبر البحر الأبيض المتوسط، وكشفت أن تذكرة الهجرة غير الشرعية يقدر سعرها بين ألف إلى 10 آلاف دولار أمريكي، وتختلف الأرقام حسب الدولة المصدرة للمهاجرين.
الجدير بالذكر أن آخر أرقام الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود تبيّن أن 5225 جزائرياً أبحروا عبر سواحل غرب المتوسط، و865 عبر سواحل الوسط خلال الثمانية أشهر الأولى من 2020، لكن هذه الأرقام "أقل بكثير من الواقع"، بحسب مختصين في الهجرة غير القانونية.
قد تحب أيضاe
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!