-
سيف داود تعددت المواهب والشخص واحد من هندسة البترول إلى الفن التشكيلي
المهاجرون الآن - خاص - ميرفت شحاده
استضاف المركز الثقافي المحلي في مدينة كولن الألمانية، وضمن نشاطاته الموسمية، معرضاً للتشيكي السوري سيف داوود.
ولِد داوود في مدينة القامشلي السورية وتخرج من كلية الهندسة البتروكيماوية - جامعة دمشق.
امتلك سيف داوود منذ طفولته موهبة متميزة، وعمل جاهداً على المحافظة عليها وتطويرها بشكل دائم، إذ كانت بالنسبة له الشغف والدافع.
موقع المهاجرون الآن حرص على زيارة المعرض ومقابلة السيد سيف ومحاورته وكان معه اللقاء التالي:
- حصلت على درجة الدكتوراة في هندسة البترول من جامعة ليشبونا في البرتغال، ولديك مجموعات قصصية وترجمات أيضاً، إضافة للكثير من المعارض التشكيلية، ألا تجد أنك تجمع بين اختصاصات متعددة قد لا ترتبط أي منها منطقياً بالأخرى؟ وما تأثيرها عليك، وأين يجد سيف داوود نفسه؟
في الحقيقة أعتقد أنني ولدت بهذه الموهبة، وقد ظهرت بوادرها مبكراً منذُ أيام الدراسة حيث كنتُ أرسم دائماً بالطباشير على لوح الصف وأستمتع جداً، لذلك أجد نفسي أكثر في الفن، ولكن مناحي الحياة وظروفها تفرض أحياناً علينا أن نختار خيارات أخرى، عائلتي كانت لديها رغبة لأكون مهندساً، وقد استجبت لهذه الرغبة لأن الفن في سوريا ومعظم العالم لا يؤمن مردود مادي لمستلزمات الحياة، ولكني لم أنقطع عن الرسم والألوان حتى أثناء دراستي للهندسة، كنت أقيم المعارض ولن أنقطع عن الرسم نهائياً طيلة حياتي. وأثناء ذلك قمت بترجمة عدة مؤلفات من اللغة الإنكليزية إلى العربية، وأيضاً لي ديوانين شعر ومجموعة قصصية، وحالياً أنا بصدد العمل على كتابة رواية.
مهنتي كمهندس أمنت لي المردود المادي من أجل دعم وتطوير موهبتي، وأثناء وجودي في البرتغال للحصول على الدكتوراة في هندسة البترول بجامعة لشبونة تعرفت على الفنان التشكيلي الأول في البرتغال كارلوس فيرينيا الحاصل على جائزة الاستحقاق الأول لجمهورية البرتغال، والذي أبدى إعجابه بفني ومدني بأدوات الرسم دعماً منه، وقد تعرفتُ من خلاله على الكثير من الفنانين مما ساعدني على المشاركة في معرض سينوغرافي معهم.
ولاحقاً انتقلت إلى ألمانيا وقمت بالعديد من المعارض بأكثر من بلد مثل سوريا ولبنان وهنا طبعاً، والآن أشارك بأثنين وعشرين لوحة في المعرض الحالي بمدينة كولن.
- نشأت في بيئة متنوعة الثقافة والعادات والتقاليد، وسافرت كثيراً من أجل الدراسة والعمل وشهدتَ الكثير من التنوع الثقافي، ما تأثير هذا على أعمالك وكيف تترجم ذلك بألوانك وخطوطك؟
أعتبر نفسي صديق الكتاب، لدي مكتبة أينما أقيم، علاقتي بالثقافة علاقة متينة ولدي خزان ثقافي في ذاكرتي بالإضافة للثقافة البصرية التي اكتسبتها، بالإضافة للبيئة المتنوعة التي نشأت بها أيضاً اكتسبت معرفة ثقافية أخرى أثناء تجوالي من خلال عملي الفني في الكثير من البلدان مثل الأردن واليمن، تركيا ومصر، السعودية والإمارات ، السودان الباكستان، سلطنة عُمان وبلغاريا، كانت عيني تسجل ما تراه مثل الكاميرا وهذا بالطبع انعكس على لوحاتي التي أرسمها فما تختزنه ذاكرتي من مكان ما، أو حدث ما بثقافة معينة ينعكس بالضرورة على خطوطي وألواني ممزوجا مع إحساسي وأسلوبي الخاص.
هذا المخزون الذي اختبأ في مشاعري وذاكرتي يجعلني أشعر دائما بالحنين وحتى أعبر عما يعتريني أترجمه خطوطاً وألواناً أو كتابة.
- عندما تبدأ بمشروع لوحة ما، هل تكون الفكرة مكتملة في مخيلتك أو اللوحة البيضاء وريشتك وألوانك وإحساسك هم من يقررون ما سوف تكون عليه اللوحة؟
عندما آتي إلى مرسمي لا تكون هناك فكرة في رأسي أو مشروع جاهز بمخيلتي للوحة ما، في العادة أجهز التبلوات البيضاء حتى عندما أريد أن أباشر بلوحة ما يكون كل شيء جاهز.
أنا والألوان والقماش الأبيض نلتقي، أمزج الألوان وألعب بها، تبدأ المعالجة الذهنية وما تحمله من مخزون وما أحمله من مشاعر أو أحاسيس قديمة أو وليدة اللحظة تعطي أوامرها للجهة التنفيذية، وهي يدي التي تبدأ بالرسم، في كثير من الأحيان تبدأ الفكرة عندما أبدأ بالرسم وتنتهي عندما أنتهي من اللوحة.
بإمكاني رسم أكثر من لوحة بنفس الوقت ولا أجد صعوبة في التنقل من لوحة بفكرتها وأحاسيسها وما أود البوح به من خلالها إلى لوحة أخرى بكل ما تحمله، ويجوز أن ألغي لوحة لم أصل معها إلى التطور أو الإحساس المطلوبين وأعيدها للون الأبيض وأبدأ بلوحة جديدة بفكرة جديدة، لذلك توجد لغة بيني وبين اللوحة، أحياناً هي التي توجهني بالإضافة لما أنا عليه من أفكار وذاكرة ومشاعر، لذلك لا يكون لديّ أي خطة مسبقة لرسم لوحة إلاّ إذا كان هناك حدث أثرّ بيّ وأردت التعبير عنه بفني.
- ماهي أهم القضايا التي تُحب أن تترجمها في لوحاتكَ وماهي المعايير التي تحكم مشاريعك الفنية بشكل عام؟
أنا أتأثر وأتفاعل حتماً مع القضايا العامة وأعبر عنها وأطرح وجهة نظري بها من خلال لوحاتي، مثل جائحة كورونا التي اجتاحت العالم وعلى الرغم من كل التطور الذي وصلنا إليه لم نتوصل لدواء لهذا الفيروس، وفي نفس الوقت العالم يتسابق لصنع الأسلحة الفتاكة التي تهدد الإنسانية، بالإضافة إلى تقييد حرية الفرد أثناء انتشار الفيروس حتى انتشرت الشكوك بشكل كبير أن القصية مؤامرة بين الدول تسعى لمكاسب اقتصادية على حساب حرية الأنسان والتي أنا معها بالمطلق وأدافع وأعبّر عنها من خلال لوحاتي وقصائدي وكتاباتي.
وفي آخر معرضين انصب اهتمامي على معاناة الإنسان وقد عبرت عنها برسم الوجوه التي تظهر في تعابيرها جليّة، وقد تأثرت بشكل خاص بمعاناة السوريين الذين هاجروا بطرق صعبة وهذا الموضوع كان له تأثير كبير في وجداني وكان لابد أن يُترجم ذلك بلوحاتي.
- معرضك الأخير في المركز الثقافي بمدينة كولن كانت اللوحات فيه متنوعة المواضيع، هل تحدثنا أكثر لماذا اخترت هذه المجموعة من اللوحات وماذا تعني لكّ؟
اخترت لمعرض كولن مجموعة متنوعة وقصدت هذا التنوع، هناك مجموعة لوحات عن التاريخ وأخرى عن الثقافات ومجموعة تعبر عن الحرب في سوريا وما تحمله من مشاكل وصعوبات مخاوف خاصةً الخوف من البحر لدى المهاجرين السوريين.
أردتُ من خلال معرض كولن التعريف عن ذاتي كفنان سوري تشكيلي وقد التقيت بأكثر من جهة اهتمت بأعمالي واقترحت عرض أعمالي في مراكز أخرى هنا في ألمانيا وانتاج تقارير إعلامية وأفلام وثائقية عن أعمالي وهذا الشيء جداً مشجع وإيجابي بالنسبة لي.
- ماهي المشاريع التي تعمل عليها الآن؟ وماهي الأعمال التي تدور في ذهنك وتنظر التنفيذ؟
مشروعي القادم الذي أحضر له معرض في العاصمة النمساوية فيينا والذي سوف يُقام قريباً.
ستكون اللوحات تعبيرية حديثة تعتمد على اختصار في الخطوط والألوان بطريقة مبتكرة ومكونات غير مألوفة وهذا الإيجاز لابد أن يكون غني بالفكرة أو المعنى، أي الاختصار يجب ألا يقلل فخامة الفكرة وغناها، وهذا المعرض بهذا الخط وبمكان مثل فيينا مدينة الفن والثقافة والجمال يحمل لي تحدياً يجعلني متحمساً جداً وأنا أعمل على اللوحات.
لديّ أصدقاء فنانين من الصف الأول في النمسا وقد استشرتهم في الخط الجديد الذي أعمل عليه وقد شجعوني كثيراً وأبدوا إعجابهم بالفكرة المبتكرة حتى في النمسا، لذلك أعتقد أن هذه الفكرة ستكون ناجحة في أوروبا، وبعد معرضي في فيينا سيكون لي معرض في باريس إن شاء الله.
بعض لوحات الفنان