-
أول مدربة طيران عربية في جزر الكناري: مهما اشتدت الظروف إياكم والاستسلام
-
لم ترضَ تلك الطفلة التي كانت أصغر كاتبة في الأردن أن تحلق فقط في خيالها في عالم الروايات والأدب، بل أرادت كذلك ان تحلق وتعلم الآخرين كيفية الطيران، لتكون بذلك أول مدربة طيران عربية في جزر الكناري
المهاجرون الآن- خاص
لم تكن نادين قطامين ذات الـ 22 ربيعاً تتخيل في طفولتها أنها ستكون مدربة لقيادة الطائرات في جزر الكناري التابعة لإسبانيا، فعندما كان عمرها ست سنوات مُنحت لقب أصغر كاتبة في الأردن عن كتاب هو عبارة مجموعة خواطر عنوانه "الشمعة".
رغم انه صدر لها روايتان أخريان، إلا أنها أصرت على التحليق في السماء ليس ككابتن طيار، بل كمدربة للطيارين، تقول في حديث لها لموقع المهاجرون الآن: إن الطيران بالنسبة لها بدأ كحلم ثم تحول الى طموح ثم الى هدف، "كبرت وكبر معي الحلم ولم أعد أتخيل نفسي أعمل في مجال آخر".
دعم الأهل
صحيح أن مجال الطيران شبه محتكر من قبل الرجال في أغلب أنحاء العالم، وينظر اليه كمهنة ذكورية، إلا أن هذا الشيء لم يؤثر على نظرة نادين القطامين له، التي أوضحت أن السبب الرئيسي في ذلك هو دعم أهلها لها، "نحن خمس فتيات بالعائلة، والأهل دائماً كانوا مؤمنين بأننا بجهدنا وتعبنا نستطيع الوصول لأي هدف مهما كان صعباً.. وأنا فخورة جداً بوصولي لهذه التي لم أتكن أتخيل أني سأصل إليها".
تقبل الآخر هو الأساس
القطامين، رغم أنه لم يمض سوى شهرين على وصولها إلى جزر الكناري، وانطلاقتها بتدريب الطلاب على طيارات ذات محرك واحد إلا أنها لاحظت الفرق الكبير بقبول الآخر، بين جزر الكناري والمجر التي وصلتها للدراسة منذ عام 2018، موضحة أن عدد الطلاب الذين دربتهم إلى يتجاوز الخمسين طالباً بين التدريب العملي والنظري وتدريب محاكاة الطيران، لتشير إلى أن الطلاب الذين تعاملت معهم اعمارهم تتراوح بين ١٨-٣٨ سنة. وكل شخص يتطلب أسلوب تعامل وتدريباً مختلفاً عن الآخر، فضلاً عن ومرونة التعامل مع أشخاص من خلفيات مختلفة. "في البداية كان عندي بعض التخوف حول مدى تقبلهم لي كفتاة، كون الاغلبية ذكور، وبدايتي كانت مع طلاب جميعهم أكبر مني سناً، لكن وجدت لديهم تقبلاً وسلاسة في التعامل".
تمييز متعدد الوجوه
تسرد مدربة الطيران الصعوبات التي واجهتها أثناء دراستها هذا الاختصاص في دولة المجر، فتقول إن أكبر المعوقات كانت الغربة عند مغادرتها للأردن بعمر 18 عاماً، "مع الأسف نظرتهم العامة الى العرب خاصةً و الى الأجانب عامةً لم تكن جيدة، وعند البعض منهم العنصرية واضحة جداً، ولكن وجود جاليات عربية في المجر سهل لنا التأقلم واستكمال المسيرة".
أثناء دراستها في المجر تقول القطامين إنها لاحظت التمييز في المعاملة بين أبناء البلد وبين الطلاب الأجانب، فضلاً عن التمييز الجندري على أساس الجنس، " في كل مرحلة من مراحل الطيران كنت أواجه صعوبات بعدم إيمان بعض المدربين بقدرة فتاة على قيادة طائرة، لذلك كانوا دائماً على استعداد لاصطياد اي خطأ يدعم نظرتهم المسبقة لي كفتاة تود ان تستكمل مسيرتها في الطيران".
ما بعد الضيق إلا الفرج
أول مدربة طيران عربية في جزر الكناري توضح أن هذا النوع من الأسلوب في التعامل سبب لها في البداية الكثير من القلق والخوف حول مدى قدرتها فعلياً على المضي في هذا المجال. "إلى أن تبنى تدريبي المسؤول عن التدريب بأكمله الكابتن (اشتفان) طيار على طائرة بوينج متقاعد لديه أكثر من ٢٢ الف ساعة طيران على طائرات متعددة و مختلفة، بفضل الله ثم فضله ومساعدة أهلي وأصدقائي، ثقتي بنفسي بدأت تزداد شيئاً فشيئاُ، حتى بدأت أحقق نجاحاً تلو الآخر، وهذا ما خلق لدي حب أن أصبح مدربة طيران، لأكون مثل هذا الكابتن و عكس النماذج السيئة التي رأيتها".
لا للاستسلام
القطامين تتوجه بالنصيحة إلى الطلاب من المهاجرين والمبتعثين بعدم الاستسلام مها اشتدت الظروف، "طريقي كان مليئاً بالمشاكل والعثرات والدموع والفقد، لكن دائماً كنت استذكر قول الله سبحانه وتعالى " لا يكلف الله نفساً الا وسعها" وكانت أحد الأسباب التي جعلتني استجمع قواي في أضعف مراحلي."
وبالنهاية تطمح القطامين أن تصنع لنفسها اسماً في تدريب الطيران ومساعدة الأشخاص على الوصول لأحلامهم وطموحهم بالطيران، فضلاً عن إكمال مسيرتها في الطيران على متن الطائرات النفاثة الخاصة بأنواعها المختلفة.