الوضع المظلم
الخميس 21 / نوفمبر / 2024
الشباب السوري في فرنسا… هموم المستقبل والاندماج
127149765_167490421762605_435657565463374489_o


فراس اللباد Feras Allabad
يعاني السوريون في بلدان لجوئهم من صعوبات مركّبة، فهم بين ناري البعد عن الوطن، وتحديات الاندماج في المجتمعات الجديدة التي تتفاوت شدتها على السوريين من بلد إلى آخر.
يقارن إبراهيم العلوش، لاجئ سوري في فرنسا، بين تجربة الاندماج التي عاشها في تركيا، وبين ما يعانيه في فرنسا حاليًا، “ففي تركيا هناك قواسم مشتركة بين الثقافتين التركية والعربية، لكن أحوال اللجوء صعبة جدًا، أما في فرنسا فأوضاع اللجوء جيدة، ولكن الحواجز لا تقتصر على اللغة وحدها، وإنما في النمط الثقافي المختلف والصورة المروعة التي نسجها الإعلام عن مجتمعات الشرق الأوسط “الإرهابية”، على الرغم من أننا ضحايا إرهاب النظام السوري والتنظيمات الدينية المتطرفة التي تسوق المجتمع إلى جحور التاريخ المتعفنة.
وأضاف لـ(جيرون) أنه “بعد الأسابيع الأولى في فرنسا، المليئة بالفرجة والتأمل والانبهار، تبدأ عملية الاندماج والاختلاط بالمجتمع، وقد وجدنا أنفسنا شبه معزولين، لولا تقدم أفراد أسرتي باللغة والاختلاط ببعض المتطوعين الفرنسيين الذين يعطوننا دروسًا في اللغة مجانًا، ويرشدوننا إلى طرق التعاون والتخاطب، وأصول المعاملات الاجتماعية والحكومية في فرنسا، وما نزال في هذا الطور، ولم نتمكن من تجاوزه بعد، لكن لدينا الإرادة والرغبة في اختراق جدار العزلة، وعدم الاستسلام لليأس. أمامنا مشوار طويل وعيوننا تتجه -كل صباح وكل مساء- إلى سورية التي تعيش في قلوبنا”.
من جهتها قالت الشابة رفيف: “لدي مخاوف كبيرة من الاندماج في مجتمع الشباب، ويلزمني كثير من الوقت لأتعلم مصطلحاتهم، وطريقة كلامهم التي تختلف كثيرًا عن الفرنسية التي أتعلمها في الكتب”.
“الصعوبات كثيرة”، والاختلافات عميقة بيننا، تضيف رفيف، و”المشكلة الأكبر أن معظم الشباب غير مهتم بالشأن العالمي، هذا أمر محبط بالنسبة إلي، أن أضطر في كل مرة أن أعرّف فيها عن بلدي سورية، إلى أن أفتح الخريطة لأريهم إياها، وأبرّر لهم لجوئي إلى بلدهم، وأنني هربت من أكبر حرب في عصرنا الحالي، ستكمل عامها السادس، وهم لم يسمعوا بأي شيء مما يحصل لنا”.
وأشارت إلى أن “فئة كبار السن في فرنسا، هي التي ساعدتنا وتفهمت وضعنا، جميع أصدقائنا تجاوزوا الستين عامًا. كثير منهم يتعامل معنا بلطافة وكرم لم أتوقع أن أجده في هذه البلاد، لقد قدموا لنا وقتهم واهتمامهم، وحاولوا أن يعوضونا عن عائلتنا الكبيرة”. وهؤلاء الأشخاص “يفهمون تمامًا ما نمر به، فقد عانوا كثيرًا من نتائج الحرب العالمية الثانية”.
وترى ليندا آل نفوري، اختصاصية نفسية واجتماعية سابقة في جامعة دمشق، أن “الشباب السوري يواجه الواقع الأوروبي ضمن إطار متناقض، إذ تسود إلى حد كبير تصورات زائفة حول (جنة أوروبا)، وعندما يصطدم بالواقع يصبح لديه إطار متناقض بين حياة اجتماعية تربى عليها، وبين تصور زائف وواقع اجتماعي مختلف، وهذا الأمر يؤدي إلى حالات الضياع وعدم التركيز، وعدم التنظيم، خصوصًا عندما يجد أنه بحاجة إلى تحديد أهدافه، وأولويات الحياة من سكن وحاجات يومية في ظل مجتمع مختلف ثقافيًا واجتماعيًا”.
هجرة الشباب السوري من الحرب الدائرة في بلادهم تعد، وفق نفوري، “من المشكلات الاجتماعية التي تركت آثارها في فئة الشباب والأسر السورية، إذ غادر الآلاف من الشباب إلى دول اللجوء الأوروبي، بحثًا عن إقامات ومستقبل أفضل، لكن ترتّب على هذه الهجرة انعكاسات وآثار اجتماعية للوافدين، وصعوبات في التأقلم والاندماج مع وضعهم الجديد”.
لفتت نفوري إلى أن “مثل هذا الأمر يتطلب القدرة على تجاوز هذه الصعوبات تجاوزًا منظمًا ضمن تفكير منطقي، وواقعي وعدم الإحساس بأنه يجب على اللاجئ التنازل عن حياته الاجتماعية السابقة والاندماج أكثر”. مؤكدة أنها “لاحظت حالات من التشتت والضياع عند بعض الشباب، موازنة بعدد قليل تجاوز هذه الحالة، وحدّد هدفه في حياته الجديدة، ويعود السبب إلى عدم وجود جهة مسؤولة عن توعية هذه الفئة واحتضانها”.
في السياق ذاته، قال المحامي باسم سالم، المتابع لشؤون اللاجئين السوريين في فرنسا: إن “اللجوء في فرنسا يفتقر إلى هيئة أو منظمة حكومية أو غير حكومية تعمل في استقبال اللاجئين، فضلًا عن تعلم اللغة والسكن والأوضاع المادية التي يقع فيها اللاجئ عند وصوله الى فرنسا، وبسبب ذلك؛ يتوجه كثير من الشباب إلى بلد آخر مثل ألمانيا والسويد وغيرهما. لصعوبة الأوضاع التي تواجههم في فرنسا”.
وأكد أن “الروتين القاتل في الاجراءات الحكومية، تخيف الشباب في البداية، وتجعلهم يشعرون بأن حياتهم انقضت في طوابير الاجراءات الروتينية المعقدة، لكن على الرغم من هذه التعقيدات الطويلة، فإننا نشجع الشباب جميعًا على أن يكونوا أكثر إيمانًا بواقعهم، وأن يعتادوا على الحياة الجديدة، التي تعد فرصة ذهبية من أجل بناء المستقبل والحياة العلمية والعملية. موازنة بالأوضاع التي يعيشها اللاجئون بالدول العربية”.
وكان “باسكال بريس”، مدير عام دائرة حماية اللاجئين والوافدين الفرنسية، أعلن أن عدد من تقدموا بطلبات لجوء في فرنسا منذ بداية كانون الثاني/ يناير 2016، وحتى أيار/ مايو من العام نفسه، بلغ 33.167 ألف طلب لجوء، وفي الفترة نفسها من عام 2015، تقدم 28.000 ألف لاجئ بطلبات لجوء إلى فرنسا، موضحًا أن “اللجوء في فرنسا في 2016 شهد نموًا مقبولًا، مقابلةً مع الفترة نفسها من عام 2015”.
وقال باسكال: إن “طلبات اللجوء إلى فرنسا، في 2016، شهدت ارتفاعًا؛ بناءً على زيادة العام الماضي، ونمت أعداد اللاجئين العام الماضي بنسبة 23 في المئة قياسًا على عام 2014، وتبقى الزيادة مستمرة ومقبولة”.
من جهة ثانية؛ كشف تقرير لمكتب حماية اللاجئين الفرنسي الذي يرأسه باسكال، أن معظم من يصل إلى فرنسا من السوريين يغادرها إلى دول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا والنمسا والسويد، ونسبة السوريين ممن يتقدمون بطلبات لجوء في فرنسا لا تتعدى 2 في المئة.

مادة منشورة للصحفي فراس اللباد على موقع جيرون ولاهميتها نعيد نشرها.
#مهاجر #فرنسا










تصويت / تصويت

هل الهجرة واللجوء إلى دول الغرب

عرض النتائج
الحصول على الجنسية
0%
حياة افضل
25%
كلاهما
75%

ابق على اتصال

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!