-
نتالي المطر: لاجئة سورية تحول تخرجها إلى كتاب تراثي للفنون البصرية
خاص
وصلت نتالي المطر إلى فرنسا منتصف العام 2014 بعد رحلة لجوء صعبة، من سوريا إلى مصر، وأخيراً فرنسا، وكانت بعمر 12 عاماً.
لم تتوقع يوماً أن يتحقق حلمها، في هذا البلد الجديد، ويتجسد على هيئة كتاب، عندما حولت فكرة تخرجها الدراسي باختصاص التصميم الفني (غرافيك ديزاين) من الجامعة إلى وثيقة بصرية تراثية غنية، الأمر الذي يخفي خلفه قصة مسيرة مُلهمة، حيث لم تمنع ظروف اللجوء القسري، والاغتراب، وعدم الاستقرار، وضياع سنين دراسية بين سوريا ومصر لاحقاً من تحقيق حلمها، وهي التي واصلت شغفها بالرسم والتلوين، ووجدت في الفن وسيلة للتعبير عن مشاعرها وأحاسيسها التي كانت كفيلة بالمساعدة على التغلب والاستمرار بوجه صعوبات الحياة.
اقرأ هذا الخبر: فرنسا: قصة مهاجر...من شوك الحياة إلى "ياسمين" النجاح
حصلت نتالي المطر على الدبلوم الوطني للفنون والتصميم الجرافيكي (DN MADE Graphics)، وفي الفصل الأول لعامها الدراسي الأخير، قدمت مشروعها الذي تطمح أن تنال عليه شهادة التخرج.
وبرزت أمامها فكرة أن تكون أطروحة التخرج في الفنون التشكيلية عبر كتاب كامل عن الفنون البصرية الذي نالت عليه إعجاب وتقدير لجنة التحكيم لتميز الفكرة وعمقها وجدتها.
تقول نتالي المطر لمنصة المهاجرون الآن: " أطروحتي البحثية كانت بعنوان: كيف تسمح العلامات الرسومية الفارسية العربية لمصممي الجرافيك من الشتات برفع مستوى الوعي بتقاليدهم في العالم. ومنه بدأت العمل بمشروع تراث الفنون البصرية".
وتضيف: "إن رسالتي جاءت بعد تفكير وتأمل عميق، حيث التفتت إلى جذوري ومصدر إلهامي الداخلي، فكان الموضوع الذي اخترته هو الخط العربي الفارسي، وهو اكتشاف بالنسبة لي سمح بالجمع بين اهتماماتي الشخصية والأسئلة الفنية والرسومية المحفزة.
اقرأ هذا الخبر: لبنانية مهاجرة في فرنسا.. تنجح كواحدة من أصغر حكام كرة السلة في العالم
وأضافت: "تستكشف رسالتي التراث البصري للخط العربي، وهو التراث صاحب التأثير الكبير على مجال التصميم الجرافيكي، الذي حمل المشروع انعكاسات التصميم من خلال 3 أجزاء متميزة، من الإمكانات التعبيرية للعلامات الرسومية الفارسية العربية، وهو يسلط الضوء على الأيديولوجيات والرسائل والقيم في التصميم، وأخيرًا الإمكانات التحريرية للتصميم الجرافيكي الفارسي العربي".
ولم تتوقف نتالي عند أطروحة التخرج، بل سعت جاهدة لتحويل فكرتها إلى كتاب فني يحمل نفس العنوان يجمع بين الفن والأدب، فهو يمزج بين اللوحات الفنية المُبهرة والكلمات المُلهمة التي تُعبّر عن تجربة اللجوء والحياة الجديدة.
من جهة أخرى فقد شاركت نتالي مؤخراً بالتعاون مع معهد العالم العربي في مجال التواصل المرئي لفعالية "أيام التاريخ" التي أقيمت نهاية شهر مارس الماضي، حيث قامت بتصميم التواصل المرئي باستخدام الرسومات الوصفية له.
تقول: "لقد قمت بإنشاء منشورات للشبكات الاجتماعية والملصقات والبرامج الموزعة خلال مؤتمرات هذين اليومين المخصصين للتاريخ".
رسالة حب من الأب
والد نتالي، الصحفي السوري المعروف فرحان المطر، الذي عبر عن فخره بنجاح نتالي على صفحته الشخصية في الفيسبوك كتب: "أفرح لابنتي ليس لمجرد نجاح وتخرج عادي وحسب، وليس لمجرد كوني أب، ولكن لمعرفتي ومواكبتي لتجربة ابنتي والمراحل التي مرت عليها، أثناء طفولتها في سوريا ومصر، حيث كانت تعاني من صعوبات التعلم، خاصة في جهة القراءة والكتابة؛ ثم حدثت بداية مسيرة جديدة (نقلة نوعية)، مع فرنسا".
وختم قائلاً: "بين أن تكون فاقداً للأمل، وأن تنجح بتفوق، رحلة تستحق الإشادة والاعتزاز."
وقال الأب لمنصة المهاجرون الآن: "من المفيد أن أذكر أن طفلتي تتميز بشخصية استقلالية، تثق بقدرتها على تجاوز الصعوبات، وهي إلى ذلك عصامية بامتياز، إذ لم تكلفني فوق طاقتي شيئاً، كل ما كنت قادراً على تقديمه لها، هو الرعاية والاهتمام والتشجيع النفسي، ليس إلا، وها هي النتيجة خير دليل على ما ذكرت."