-
هولندا: لاجئون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من مخيمات هولندا (1)
-
حلقة رقم 1
أمستردام (تير أبل) - خاص - محمد عيد
ما تزال موجة تدفق الهجرة غير الشرعية للسوريين مستمرة، التي ارتفعت حدتها العام الجاري 2022 بشكل ملحوظ، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية ووصولها إلى القاع في مناطق سيطرة النظام السوري، حيث شهد مطار دمشق ازدحاما كبيراً بالمغادرين إلى وجهات مختلفة، كان من أبرزها مطار أربيل في العراق، كما قدم الكثير من أهالي المدن السورية إلى إدلب للعبور إلى تركيا، ومن ثم أوروبا، وبما أن انهيار الأوضاع الاقتصادية في لبنان وزيادة موجة العنصرية في تركيا، قد دفع أيضاً بالكثير من السوريين إلى الهجرة غير الشرعية باتجاه أوربا، إلا أن رحلة العبور التي يسلكها السوريون تحمل بين طياتها قصص معاناة يندى لها جبين الإنسانية خجلاً .
منصة المهاجرون الآن تسلط الضوء من مخيم تير إبل شمال هولندا على قصص لبعض السوريين الذين حالفهم الحظ ووصلوا إلى بر الأمان الأوروبي.
الشابة الصغيرة (سيماز.ص) ذات التسعة عشر ربيعاً، كان حلمها أن تصبح إعلامية، وسجلت في الجامعة سنة أولى إعلام، ولكن الظروف الأمنية والاقتصادية القاهرة في درعا المحطة، أجبرت عائلتها أن تتخذ قرارا بإرسال سيماز مع أخوها الصغير 9 أعوام للسفر باتجاه أوروبا مع مجموعة من أبناء منطقتها الذين بلغ عددهم نحو 12 شابا وشابة، وبدأت التحضيرات للسفر بعد الاتفاق مع المهرب الذي يحمل الجنسية الليبية، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدتهم على الاتصال مع المهرب. وانطلقت رحلة سيماز مع أخوها الصغير من مطار دمشق الدولي باتجاه ليبيا في شهر حزيران يونيو الماضي، وكان في استقبالهم المهرب المسؤول عن مسار رحلة الهجرة غير الشرعية.
بعد الوصول من سوريا إلى ليبيا، أخذ المهرب النساء إلى منزل منفصل والشباب إلى منزل آخر، ووفر لهم الطعام والأنترنيت، وكان من أهم التعليمات التي ركز عليها المهرب للمجموعة السورية التي ستسافر بعدم التحدث باللهجة السورية وسط المدينة خلال التسوق، كي لا يتم إثارة الشبهة وسط المجتمع الليبي.
تقول سيماز لموقع "المهاجرون الآن": "انتظرنا في ليبيا لمدة شهر كامل في مدينة صبراتة الليبية، حيث كانت نقطة الانطلاق تجاه أوروبا، وفي شهر تموز يوليو تقرر سفرنا بعد أن عقد المهرب اتفاق سري مع عناصر من خفر السواحل الليبي، وكانت أجواء الطقس مستقرة.
وتتابع: "وقبل العبور بالمركب الذي تم تفصيله خصيصا للرحلة، أخذ المهرب جميع شرائح التلفونات من المهاجرين، لكي لا يتواصلوا مع عائلتهم، وبدأت الرحلة في الساعة العاشرة ليلا من شواطئ صبراتة، حيث ضم المركب 32 مهاجرا أغلبيتهم من السوريين، وفي البداية رافق رحلتنا مركب لخفر السواحل الليبي، الذي كان قد عقد عناصره اتفاق مع المهرب وأوصلنا إلى نهاية المياه الإقليمية الليبية، كي لا يعترضنا أحد من زملائهم، كما خصص المهرب لنا كمية قليلة من الطعام عبارة عن قطعة كرواسان واحدة، وعلبة مياه صغيرة فقط، من أجل أن نضبط خروجنا إلى الحمام لأن الرحلة طويلة، وانطلقت الرحلة التي كان يقودها شخص مصري الجنسية لديه الخبرة في قيادة القارب. شعرنا في البداية بخوف رهيب من البحر الذي كانت أمواجه تضرب القارب على الجانبين، وقبل الوصول إلى الشواطئ الإيطالية بـ 50 كم تعطل محرك القارب، بسبب اختلاط ماء البحر مع وقود المحرك، بعد أن أبحر لمدة 10 ساعات تقريباً، ولم يتبق لنا سوى 5 ساعات حتى نصل وجهتنا، حاولنا التواصل مع خفر السواحل الإيطالية من خلال هاتف الثريا الذي كان بحوزة قائد المركب، ولكن للأسف كان الرقم المتوفر لخفر السواحل في مالطا، الذين بدورهم طلبوا منا، البقاء في مكاننا ريثما يصل خفر السواحل الإيطالي، ولكن للأسف لم تصل النجدة، وبدأ الخوف والهلع يتسلل إلى قلوب الجميع، بعد أن أمضينا حوالي 33 ساعة ننتظر في القارب وسط البحر وأمواجه، وفي هذه الفترة أصاب أحد الركاب دوار البحر ورمى نفسه بالمياه، وتم إنقاذه بصعوبة وخلال هذه الفترة العصيبة التي نمر بها، جاء لحسن حظنا سفينة تحمل العلم التونسي وأرسلوا لنا الطعام وماء الشرب، وطلبوا منا هاتف الثريا ومحرك القارب قبل التواصل مع خفر السواحل الإيطالي، وفعلا وصلت بارجة إيطالية وأنقذتنا ورست في جزيرة لامبيدوسا، وتم تبصيمنا بصمة جنائية، وأرسلونا إلى مدينة باري في إيطاليا ثم انطلقنا بالقطار إلى ميلانو ومن ثم ركبنا القطار بدون تذاكر إلى سويسرا ومنها إلى ألمانيا ثم وصلنا هولندا.
التكاليف
عن الكلفة المالية التي حصل عليها المهرب من أفراد الرحلة، قالت سيماز مع صديق لها في الرحلة واسمه محمد أن التكلفة المالية لكل فرد بلغت 3500 دولار باستثناء مصاريف رحلة الطيران والإقامة لمدة شهر في ليبيا، ومع وصول سيماز إلى برّ الأمان، تأمل أن يستطيع أخوها القاصر ذو الأعوام التسعة أجراء لم شمل لعائلتها، بسبب عجزها عن ذلك لأنها بلغت السن القانوني، وهي الآن بمثابة الأم لأخيها الصغير الذي تعتني به في غرفة ضمن كامب تير أبل شمال هولندا، على أمل أن تكون إجراءات لجوئها سريعة.