-
قصة لاجىء
ريما الغضبان - خاص المهاجرون الأن
يقولون ليتني أعود للطفولة يومًا، لعلي أتذكرُ لحظات الفرح، لحظات الأمل، لحظاتُ الإبتسامة، لحظاتٌ لا يفكرون فيها سوى بأمور اللهو والسعادة.
يتمنون العودة ليناموا بسلام، يتمنون العودة لتفيض عيونهم بدموع الفرح، يتمنون العودة للحظات فرحٍ لا تُنسى.
هم تمنوا ومازالو، فهي كانت أيامٌ جميلة. فماذا عني أنا الطفلُ اللاجىء؟
لا أدري كيف سأحلم بتلك اللحظات، كيف سأتذكر دقائق الطفولة التي لا تنسى؟
فماذا عسى بقلبي يتذكر؟ اي ذكرياتٍ واي لحظاتٍ تلك التي ستعيدني إلى أحضان الطفولة التي لم أعرفها يومًا.
أنا هو الطفلُ " الذي كان طفلًا " أنا هو الطفلُ اللاجىء.
نعم سأعود بالذاكرة إلى أيامٍ جعلتني رجلٌ بقلب طفل، سأتذكر لحظات الخوف والذعر، لحظات الألم، لحظاتٌ لم بوسعي نسيانها.
طفلهم بدأ رحلته سائح أما أنا بدئتها لاجىء!!
كنتُ ذات يوم طفلًا، كنتُ ألعب وألهو بين زوايا الحارات، لأجد نفسي من دون سابق إنذار في ساحة حرب، أفتش عن دميتي بين الحطام والركام... سألت أمي حينها كيف للحرب أن تغزو وطني وما من أعداء غرباء؟ قالت هم أعداءٌ ليسوا بغرباء، هم أبناء هذا الوطن، هم أبناء هذه الأرض. قلتُ في نفسي إذًا فهم يحاربون الأعداء.
ولكن من هم الأعداء؟ من بحثوا عن العدل والحياة، هم من بحثوا عن الأمن والأمان. أي أعداءٍ تقتلون؟ هل تقتلون أطفالًا حملوا دُمى ظننتموها أسلحة؟ أم تقتلون النساء والشيوخ؟
في تلك اللحظات نسيتُ معنى الطفولة، أصبحتُ رجلًا بملامح طفل تفتحت أعينه على الدمار والحروب. فبدأت رحلتي حين عدتُ يومًا لأجد نفسي دون منزل، عدت لأجد منزلي ركام. تركت حارتي بعدها، مع كل خطوة خارجها كان الألم يعصرُ في قلبي، تركتها على أمل العودة القريبة. لجئتُ إلى " جارتنا الحارة " ومازال بصيص الأمل يلمع في عيوني فأن مازلتُ في أحضان الوطن. تبدلتُ من تلميذ مجتهدٍ طموح، لبائع الحلوى التي باتت أكبر أحلامي. نسيتُ مقاعد الدراسة وأصبحت ذلك الرجل العامل الذي لم يخط شنبه.
قالوا سنترك الوطن ونرحل...
قلتُ ها هو الفرج آتيٍ لا محال، هكذا ظننت أو ربما تأملت. لم يعد هناك ألم، لم يعد هناك عمل، لم يعد هناك جوعٌ وبرد. فهم عرب وأنا عربي، إذًا لن ينسوا هذا الشعب. وصلنا إلى حدود ذلك الوطن، وصلنا إلى حدود الذل تمنيتُ حينها العودة لأحضان الحرب لعلها أرحمُ بنا. قلتُ ولما يُساء إلينا هل من ذنبٍ إقترفناه؟ قالوا أهلًا بك في بلادنا العربية، وشرفت بحضورك إلى هذه المهذلة برعاية " بلاد العُرب أوطاني" .
وعشتُ في تلك البلدان، تحملتُ الإساءة والذل، عسى أن يكون الغدُ أفضل. ركنتُ أحلامي جانبًا وكان يكفيني أن يمُر يومي بسلام. ولكن، حين يصبح رغيف الخبز حلمٌ يضاف على تلك الأحلام المؤجلة. حين يصبح الأمان الذي تركت الوطن لأجله أمنية، حين يصبح الدفء حلمٌ لا نستطيع تحقيقه بقطعةٍ من خشب. لا بد من الرحيل مجددًا...
ولماذا أرحل؟ فأنا هنا اتحدث العربية، وهناك سيصبح الكلام مستحيل. لن أجد من ألهو معه، ولكن هنا يتكلمون العربية ولكنهم لا يلعبون معي.. فأنا ذلك الطفل اللاجئ.
هكذا زرعوا في عقولهم، فلماذا أحن إلى هذا الوطن القريب الغريب؟
ورحلنا من جديد...
ظننتها رحلة النجاة، حلمتُ بالبحر، وبدول الغرب، حلمتُ بدول نشاهدها بالتلفاز وبدأت الرحلة..
لم تكن رحلةُ نجاة على الإطلاق بل رحلة موت على قيد الحياة. ففي بلدي نموت قتلًا، في بلاد العرب متنا جوعًا، وهنا سنموت غرقًأ.
مات الكثير ونجا القليل، وصلنا إلى بلاد الإنسانية، بلاد الإحترام والحياة، بلاد الحرية. عشنا في اماكن محدودة تجمع جميع اللاجئين من كافة البلدان، فتبًا لهذه الحرية.
تمنيتُ العودة للوطن، اشتقتهُ. تمنيتُ العودة فأنا هنا لا أتقن اللغة، فلمن أشكو حال ما تركت، لمن أشكو حال وطني؟
ومرت الليالي ومازلت أحلمُ بالعودة إلى ربوع الوطن. فمهما علا شأني سأبقى لاجئ في عيون ذاك البلد.
متى ستنتهي هذه الرحلة؟
متى ستنتهي مأساةُ العرب؟
متى سنعود إلى أرض الوطن؟
ربما ... ذات يوم
فمهما عصفت بنا لن تُمطر للأبد، حتمًا ستُشرق الشمس من جديد.
يقولون ليتني أعود للطفولة يومًا، لعلي أتذكرُ لحظات الفرح، لحظات الأمل، لحظاتُ الإبتسامة، لحظاتٌ لا يفكرون فيها سوى بأمور اللهو والسعادة.
يتمنون العودة ليناموا بسلام، يتمنون العودة لتفيض عيونهم بدموع الفرح، يتمنون العودة للحظات فرحٍ لا تُنسى.
هم تمنوا ومازالو، فهي كانت أيامٌ جميلة. فماذا عني أنا الطفلُ اللاجىء؟
لا أدري كيف سأحلم بتلك اللحظات، كيف سأتذكر دقائق الطفولة التي لا تنسى؟
فماذا عسى بقلبي يتذكر؟ اي ذكرياتٍ واي لحظاتٍ تلك التي ستعيدني إلى أحضان الطفولة التي لم أعرفها يومًا.
أنا هو الطفلُ " الذي كان طفلًا " أنا هو الطفلُ اللاجىء.
نعم سأعود بالذاكرة إلى أيامٍ جعلتني رجلٌ بقلب طفل، سأتذكر لحظات الخوف والذعر، لحظات الألم، لحظاتٌ لم بوسعي نسيانها.
طفلهم بدأ رحلته سائح أما أنا بدئتها لاجىء!!
كنتُ ذات يوم طفلًا، كنتُ ألعب وألهو بين زوايا الحارات، لأجد نفسي من دون سابق إنذار في ساحة حرب، أفتش عن دميتي بين الحطام والركام... سألت أمي حينها كيف للحرب أن تغزو وطني وما من أعداء غرباء؟ قالت هم أعداءٌ ليسوا بغرباء، هم أبناء هذا الوطن، هم أبناء هذه الأرض. قلتُ في نفسي إذًا فهم يحاربون الأعداء.
ولكن من هم الأعداء؟ من بحثوا عن العدل والحياة، هم من بحثوا عن الأمن والأمان. أي أعداءٍ تقتلون؟ هل تقتلون أطفالًا حملوا دُمى ظننتموها أسلحة؟ أم تقتلون النساء والشيوخ؟
في تلك اللحظات نسيتُ معنى الطفولة، أصبحتُ رجلًا بملامح طفل تفتحت أعينه على الدمار والحروب. فبدأت رحلتي حين عدتُ يومًا لأجد نفسي دون منزل، عدت لأجد منزلي ركام. تركت حارتي بعدها، مع كل خطوة خارجها كان الألم يعصرُ في قلبي، تركتها على أمل العودة القريبة. لجئتُ إلى " جارتنا الحارة " ومازال بصيص الأمل يلمع في عيوني فأن مازلتُ في أحضان الوطن. تبدلتُ من تلميذ مجتهدٍ طموح، لبائع الحلوى التي باتت أكبر أحلامي. نسيتُ مقاعد الدراسة وأصبحت ذلك الرجل العامل الذي لم يخط شنبه.
قالوا سنترك الوطن ونرحل...
قلتُ ها هو الفرج آتيٍ لا محال، هكذا ظننت أو ربما تأملت. لم يعد هناك ألم، لم يعد هناك عمل، لم يعد هناك جوعٌ وبرد. فهم عرب وأنا عربي، إذًا لن ينسوا هذا الشعب. وصلنا إلى حدود ذلك الوطن، وصلنا إلى حدود الذل تمنيتُ حينها العودة لأحضان الحرب لعلها أرحمُ بنا. قلتُ ولما يُساء إلينا هل من ذنبٍ إقترفناه؟ قالوا أهلًا بك في بلادنا العربية، وشرفت بحضورك إلى هذه المهذلة برعاية " بلاد العُرب أوطاني" .
وعشتُ في تلك البلدان، تحملتُ الإساءة والذل، عسى أن يكون الغدُ أفضل. ركنتُ أحلامي جانبًا وكان يكفيني أن يمُر يومي بسلام. ولكن، حين يصبح رغيف الخبز حلمٌ يضاف على تلك الأحلام المؤجلة. حين يصبح الأمان الذي تركت الوطن لأجله أمنية، حين يصبح الدفء حلمٌ لا نستطيع تحقيقه بقطعةٍ من خشب. لا بد من الرحيل مجددًا...
ولماذا أرحل؟ فأنا هنا اتحدث العربية، وهناك سيصبح الكلام مستحيل. لن أجد من ألهو معه، ولكن هنا يتكلمون العربية ولكنهم لا يلعبون معي.. فأنا ذلك الطفل اللاجئ.
هكذا زرعوا في عقولهم، فلماذا أحن إلى هذا الوطن القريب الغريب؟
ورحلنا من جديد...
ظننتها رحلة النجاة، حلمتُ بالبحر، وبدول الغرب، حلمتُ بدول نشاهدها بالتلفاز وبدأت الرحلة..
لم تكن رحلةُ نجاة على الإطلاق بل رحلة موت على قيد الحياة. ففي بلدي نموت قتلًا، في بلاد العرب متنا جوعًا، وهنا سنموت غرقًأ.
مات الكثير ونجا القليل، وصلنا إلى بلاد الإنسانية، بلاد الإحترام والحياة، بلاد الحرية. عشنا في اماكن محدودة تجمع جميع اللاجئين من كافة البلدان، فتبًا لهذه الحرية.
تمنيتُ العودة للوطن، اشتقتهُ. تمنيتُ العودة فأنا هنا لا أتقن اللغة، فلمن أشكو حال ما تركت، لمن أشكو حال وطني؟
ومرت الليالي ومازلت أحلمُ بالعودة إلى ربوع الوطن. فمهما علا شأني سأبقى لاجئ في عيون ذاك البلد.
متى ستنتهي هذه الرحلة؟
متى ستنتهي مأساةُ العرب؟
متى سنعود إلى أرض الوطن؟
ربما ... ذات يوم
فمهما عصفت بنا لن تُمطر للأبد، حتمًا ستُشرق الشمس من جديد.
قد تحب أيضاe
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!