الوضع المظلم
الجمعة 22 / نوفمبر / 2024
  • هولندا: لاجئون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من مخيمات هولندا (5)

  • حلقة رقم 5
هولندا: لاجئون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من مخيمات هولندا (5)
قدمي مهاجر

أمستردام (كامب بودل) - خاص - محمد عيد

تواصل منصة المهاجرون الآن استعراض قصص بعض اللاجئين والمهاجرين حول تفاصيل رحلاتهم الشاقة، بغية الوصول إلى هولندا، وهذه المرة قصتنا من مخيم بودل جنوب هولندا.

ونتناول في سلسلتنا أبرز الطرق والمسارات التي سلكها اللاجئون والمهاجرون أثناء رحلة لجوؤهم، وقصة الشاب أبو عمر هي حلقة جديدة من هذه السلسلة.

أبوعمر شاب في العقد الثاني من عمره، يتمتع بالطموح والذكاء، وناجح في حياته العملية، ولم يكن لديه في البداية نية السفر والخروج من تركيا، بعد أن أسس مشروع خاص به في مدينة أنطاليا التركية، يعتمد على زراعة الزهور التي أتقنها، وبدأ بتصديرها إلى الخارج.

بدأ أبو عمر مشروعه في زراعة الزهور عام 2012، بعد أن استأجر قطعة أرض صغيرة، وخلال عام واحد فقط بدأ المشروع يُؤتي بثماره، ونال إنتاج أبو عمر من الورود شهرة في المنطقة، حتى بدأ يُصدر إلى عدد من التجار، إلا أن مسيرة مشروع أبو عمر الناجح، لم تستمر طويلا، فحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا بدأت تزداد على مساحة الجغرافية التركية، مما ساهم في زيادة الهجرة من تركيا إلى أوروبا، وأبوعمر واحداً من آلاف السوريين الذين تركوا أعمالهم في تركيا، وقرروا الهجرة إلى أوروبا.

بدأت رحلة الشاب أبوعمر مع أخيه القاصر خالد 14 عاما من إسطنبول في الشهر السادس (يونيو) 2020 باتجاه الأراضي اليونانية، برفقة مجموعة من أصدقائه البالغ عددهم 12 شابا، وكانت خطة أبو عمر الوصول إلى دولة هولندا،

أنطلق أبو عمر باتجاه نهر إيفروس الحدودي بين تركيا واليونان، واعتمدت مجموعته على برنامج تحديد المواقع (جي بي اس) في بداية مسار رحلتهم، فساروا خلالها ضمن الغابات اليونانية، وفقدوا الاتصال بالأنترنيت لمدة يومين، بعد أن دخلوا أحد الأودية بالقرب من منطقة (فلير)، وخلال هذه المرحلة العصيبة، نفذ طعام المجموعة، بعد أن كان مخطط الرحلة المشي في الأراضي اليونانية لمدة  8 أيام، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن أبو عمر، واستغرق الطريق معهم 13 يوما، وبعد الخروج من الغابات، يقول أبو عمر لمنصة المهاجرون الآن: "كنا نتزود بالطعام من المحال التجارية في القرى اليونانية والتي كان غالبية سكانها أتراك الأصل، وخلال الرحلة تعرضتُ لتمزق أربطة  في العضلات صاحبها ألم كبير، وعانيت كثيرا في السير،  كما كان أحد الأشخاص في مجموعتنا يعاني من ألم في الركبة، وكنا نساعده في السير أو ننقله معنا في كيس النوم".

وفاة على الطريق

يتابع أبوعمر في روايته لقصة حزينة حصلت معهم :"خلال الرحلة صادفنا مجموعة ثانية من المهاجرين، تتعلق بوفاة لرجل في عقده الخمسين من محافظة دير الزور، وعن أسباب وظروف الوفاة، تحدث لنا فرد من المجموعة أن الرجل المتوفي ولقبه أبورائد، وانطلقت رحلته من تركيا مع ابن أخوه وسار مع مجموعة مؤلفة من 10 أفراد، وخلال الطريق انكسرت رجل ابن أخ الرجل المتوفي (أبورائد)، ولم تقبل مجموعته التوقف حتى أن العم أبورائد تركه وتابع المسير، وخلال الرحلة وبعد مسير لمدة يوم واحد في الجبال، قرر اثنين من المجموعة إحضار الطعام وشحن الموبايلات من إحدى القرى القريبة في المنطقة، ولكون أبو رائد متقدم في السن ولا يملك القدرة على المشي، أعطى الشابين  150 يورو لإحضار طعام له وتعبئة جواله، ولكن للأسف  لم يعودا وسرقا الجوال والمال، وفي تلك الأثناء، صادفت مجموعتنا أبو رائد وحيداً وكان يبكي في منطقة مقطوعة، واشفقنا عليه وقدمنا له الطعام، وبعد يوم واحد من مرافقته لرحلتنا، وبعد حلول الليل، قررنا المبيت في منطقة جبلية تحيط بها الأشجار وفي الصباح استيقظنا، وكانت المفاجأة والصدمة كبيرة، عندما  وجدنا أبو رائد متوفي  وهو جالس بجانب شجرة، وعلى الأرجح أصابته ذبحة قلبية، فسارعنا إلى دفنه في إحدى القرى وتابعنا مسير رحلتنا.

الوصول بعد عذاب

يتابع أبو عمر: "وفي النقطة المتفق عليها داخل الأراضي اليونانية جاءت سيارة بعد الاتفاق مع أحد المهربين اليونانيين لنقلنا إلى مدينة سالونيك اليونانية، وأخذ 1700 يورو عن كل شخص، ومن سالونيك اتفقنا مع مهرب آخر لنقلنا إلى مقدونيا بمبلغ 1000 يورو، وفي الأراضي المقدونية استمرت الرحلة لمدة يوم ونصف مشيا على الأقدام وتفسخت أرجل بعض الشباب في المجموعة نتيجة المشي الطويل.

 

وبعد وصولنا إلى أحد كروم العنب جلسنا فيه ثلاث ساعات ننتظر حتى جاءت سيارة تكسي بعد الاتفاق مع مهرب روسي، نقلتنا إلى صربيا. وأقام أبوعمر ومجموعته في مخيم "سونبر" التابع للأمم المتحدة، ويقع بالقرب من الأراضي الهنغارية مع صربيا، وبعد ثلاثة أيام في المخيم، يتابع أبوعمر روايته بعد اتخاذ القرار بتجاوز السور ما بين صربيا وهنغاريا وكان السور محاط بالأسلاك الشائكة، بالإضافة إلى حساسات حرارية تكشف الأشخاص في حال الاحتكاك بأي سلك.

"ولحسن الحظ قطعنا السور بسلام، ودخلنا الأراضي الهنغارية، ومشينا لساعات ضمن الغابات ووصلنا إلى إحدى نقاط التحميل، وأخذتنا سيارة من الأراضي الهنغارية إلى سلوفينيا ومن ثم إلى دولة التشيك وسارت الأمور على ما يرام وكانت كلفت هذا المسار من الرحلة 2500 يورو، وانتقلنا إلى ألمانيا بسيارة وكانت أجرة النقل 1000 يورو، وفي الأراضي الألمانية ركبنا قطار واتجهنا إلى هولندا حيث وصلنا في 13 أغسطس 2022، وسلمنا أنفسنا إلى البوليس الهولندي الذي أرسلنا إلى كامب تير أبل، بعد أن بلغت كلفة الرحلة مع أخي الصغير 16 ألف يورو"، ينهي أبوعمر روايته مع تنهيدة مزيج بين الفرح والألم.

للإطلاع على الحلقات الماضية

  1. هولندا: لاجئون سوريون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من تير أبل (1)
  2. هولندا: لاجئون سوريون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من تير أبل (2)
  3. هولندا: لاجئون سوريون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من تير أبل (3)
  4. هولندا: لاجئون سوريون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من تير أبل (4)

العلامات

تصويت / تصويت

هل الهجرة واللجوء إلى دول الغرب

عرض النتائج
الحصول على الجنسية
0%
حياة افضل
25%
كلاهما
75%

الأكثر قراءة

ابق على اتصال

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!