-
دعوات لإضراب سوري عام في تركيا، هل ستتوقف العنصرية؟
-
بين داعم ورافض ومحايد
المهاجرون الآن - أنقرة - متابعات خاصة
انتشرت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تنظيم “إضراب عام” عن العمل في المؤسسات والشركات التركية التي تستخدم العمالة السورية، حددوا تاريخه من 12-09-2022 ولغاية 17-09-2022، وذلك احتجاجاً على الممارسات العنصرية التي يواجهونها من قبل بعض الأتراك، ان كان جرائم قتل متكررة أو تضييق الخناق عليهم، بعد ارتفاع وتيرتها بشكل ملحوظ مؤخراً.
وبعد انتشار حملة الإضراب بشكل واسع بين السوريين على كافة وسائل التواصل الاجتماعي، انقسم الناس بين مؤيد للحملة وبين من يرفضها مشككاً بها لخطورة نتائجها التي ستنعكس سلبياً على اللاجئين السوريين، في حين كان هناك فريق ثالث وقف على الحياد.
استطلعت المهاجرون الآن أراء الشرائح الثلاثة، مع التحفظ على أسماء من شاركوا، حفظاً على أمنهم وسلامتهم، ومراعاة لظروفهم.
رفض الإضراب
يرى فريق واسع من السوريين أن الإضراب رغم أنه فكرة جيدة لكن سيكون تأثيره سلبياً بسبب عدة عوامل على أرض الواقع، منها عدم وجود جهة قانونية او نقابية تتبناه كمرجعية ليكون ناجعا، ويمكن الحصول على مكاسب منه، خاصة عند تنظيم مثل هذه الأنشطة من قبل مؤسسات معترف، سيكون هناك قنوات تواصل داخلية وخارجية للحصول على مبتغاه، خاصة أن هناك شريحة كبيرة من اليد العاملة السورية تعمل بأجر يومي، لسد تكاليف الحياة، وهي غير منظمة، وبالتالي من الصعب جداً عليهم تحمل كلفة هذا الإضراب حال توقفهم عن العمل في تأمين قوتهم اليومي، بالإضافة إلى خشية خسارة المستحقات والعمل نفسه، معبرين على أن "الحمصي مافارقة معه"، في إشارة إلى عبدالله الحمصي الذي دعا إلى الإضراب.
ومن الرافضين لهذه الدعوة يعتبرها "زيادة صب الزيت على النار" لأن السوريين المقيمين في تركيا أكثر علماً بخطورة الوضع عليهم.
وتخوف أخرون من الرافضين لفكرة الإضراب استغلاله كورقة سياسية تلوح بها بعض الاحزاب التركية المعارضة، بالإضافة إلى احتمالية تصاعد الخطاب العنصري، وقد يخدم الاضراب بعض الجهات من خلال عمليات ترحيل واسعة تحت ذريعة تجاوز القانون وإثارة الشغب.
في حين رأى فريق أخر على من عليهم الإضراب هم "أصحاب رؤوس الأموال" من ملاك الشركات والمصانع التركية التي تستخدم العمالة السورية لأن حملات العنصرية على السوريين ستؤثر عليهم سلباً، في تسرب هذه العمالة.
البعض من رافضي فكرة الإضراب، يراها غير ناجعة أيضاً في غياب دولة تحمي حقوقهم، خاصة بعد اختبار حملات مشابهم لم تأت بنتيجة، وقال أحدهم: " شفنا إضرابات الخبز السابقة يلي ما حصلت أي نتيجة ايجابية ولا بأي شكل."
وجهة نظر أخرى تذهب قانونياً في عدم شرعية الإضراب، حيث أنه وعلى الرغم أحقية الإضراب للعمالة، دون الرجوع للنقابة، إلاّ أن فقرة القانون التركي رقم (6356) تميز ما بين الإضراب القانوني والإضراب غير القانوني، وأن أي إضراب لا يمر بمراحل معينة سيعتبر غير قانوني، و هذه المراحل تستوجب بالضرورة المطلقة وجود نقابة تدير و تنظم المحادثات والخطوات التي تسبق مباشرة تنفيذ الإضراب الفعلي على الأرض من بينها: التفاوض مع جهات العمل وممثليها المنظمين لأعمالها وإخطار الجهات قبل وقت محدد من تنفيذ الإضراب و غير ذلك، وبظل عدم وجود أي نقابة أو أي هيئة قادرة على الحديث باسم العمال السوريين، ينسف هذلك قانونية الإضراب الذي يدعون إليه بشكله الحالي.
كما أنه وبموجب فقرة القانون التركي رقم (2822) فإنّ الإضراب التضامني يعتبر غير قانوني، والإضراب الذي يدعو إليه السوريون يدخل تحت بند الإضراب التضامني وفق البيانات العشوائية المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، وهو مرتهن بحالة عاطفية مدفوعة بردة الفعل على العنصرية المتنامية مؤخراً تجاه السوريين ولا توجد مطالب واضحة ومحددة لهذا الإضراب، مما يضعه ضمن خانة "الإضراب التضامني" غير القانوني.
وفي حالة الإضراب غير القانوني صاحب العمل غير ملزم بدفع أجور العمال في الأيام التي نفذوا الإضراب فيها، كما أنه غير ملزم بدفع رسوم التأمين الصحي وأية رسوم أخرى عن هذه الأيام، ويحق له مقاضاة العمال الذي تسببوا بضرر ما له.
كما أن الإضراب في قطاعات عمل معينة (بعضها صناعية) غير قانوني بالمطلق وغير متاح، ولذلك يجب الانتباه لهذه النقطة لتجنب أية مسؤوليات قضائية.
وبالمحصلة من رفض الاضراب كانت له أسبابه بأن غير كاف وغير مجد لعدة أسباب منها: عدم وجود جهة نقابية او قانونية او حتى سياسية تفاوض وتناقش اسباب الاضراب ومطالبه، وأن معظم العمالة السورية في تركيا لا تملك عقود عمل قانونية، بالإضافة إلى عدم جود تنظيم حراك مدني متزامن مع الاضراب في مختلف المدن وهو ما يمنح الاضراب زخم وقوة.
أيضاً عدم المعرفة الكافية بالأنظمة والقوانين المتعلقة بالعمل والنشاط النقابي في تركيا، يضاف إلى أن معظم السوريين لديهم مشاكل في تسجيل السكن وتفعيل بطاقة الحماية وحتى تجديد الاقامة السياحية بسبب تغير القوانين العشوائي.
وأن الدعوات غير المنظمة سيكون ضررها أكبر من نفعها، على افتراض حسن النوايا، يجب التزام ما لايقل هن 50% من العمالة السورية، بالإضافة إلى تشاور 70% منها مع بعضها البعض، كما أن هناك من ينتظر الحصول على الجنسية في تركيا، ولن يغامر بالمشاركة في الإضراب خوفاً من التأثير على ملفه، حسب أخرون.
كما كان لأخرين رأي في تواجد مؤسسات محسوبة على السوريين تتكلم باسمهم لكنها "مأجورة"، وغالبا ستبيع كافة السوريين المشاركين بالإضراب والداعين له في أول فرصة، خاصة أنه ولغاية كتابة هذه المادة لم يصدر أي بيان رسمي من هذه المؤسسات.
كما أشار أخرون أن أصحاب العمل في معظمهم داعمين للسوريين، لكن عند توقف أعمالهم قد يتحول هذا الدعم إلى نقمة، ويتم استبدال العمالة مباشرة، وحملوا اللوم على من دعا للإضراب في عدم الأخذ بعين الاعتبار ردات الفعل إن كان من رؤوس الأموال أو الإعلام التركي.
مع الاضراب
أيدت شريحة أخرى من السوريين الإضراب ورأت فيه أنه أمر جيد جداً، ويجب ان يترافق ذلك بممثلين عن السوريين من غير المجنسين، أو من حاملي الإقامة السياحية، لأن مشاكلهم تختلف عن مشاكل اللاجئين وحاملي بطاقة الحماية المؤقتة (الكيمليك)، مشيرين إلى أن أمكانية حمل رسالة من خلال الإضراب، على أن يكون وقفة احتجاج لعدة ساعات او اعتصام جزئي لمدة محدودة، يؤدي إلى توقف العمل بشكل جزئي ضمن القطاعات الخاصة، وهذا سيجعل اصحاب رؤوس الأموال من المعامل، المصانع، والشركات، وبقية قطاعات الإنتاج من زراعة وتربية...إلخ، يدركون اهمية حاجتهم لليد العاملة السورية (فتية ورخيصة)، ويشعرون بجدية مخاوفهم لانقطاعهم عن العمل وبالتالي سيتجهون إلى الضغط على الحكومة التركية لوقف حملات التنمر والعنصرية المقيتة، والتي بات واضحاً أن خلفها احزاب سياسية .
ونصح أخرون من داعمي الإضراب بالحصول على ترخيص، لأنه حث مشروع وأصبح ضرورة ملحة للسوريين في تركيا، لتسليط الضوء على معاناتهم من النزعة العنصرية ومنعاً من وقوع ضحايا جدد.
فريق من الداعمين للإضراب، يشير إلى انها فكرة ممتازة قانونياً ودولياً واعلامياً وسياسياً وحتى اقتصادياً، لأنها نشاط انساني، تعبر عن رقي الشعب السوري، وقد يستفيد منها السوريين واللاجئين في أي مكان في العالم، وقد تولد الفكرة تنظيمات حزبية ونقابية جماعية تدافع عن حقوق السوريين بتركيا وأوروبا.
وهناك شريحة ترى أن من يرفض الإضراب معظمها إما متنفذين أو مستفيدين من الوضع، وهؤلاء هم أعضاء منظمات وتنظيمات ومؤسسات تعتبر نفسها ممثلة للسوريين ومن لف لفيفهم، وأسباب الرفض غير مقنعه، فهناك من يطالب بجهة ممثلة للسوريين وجميعنا يعلم أن ممثلين السوريين حالياً معظمهم يبحث عن منفعة شخصية، وأن من يطالب بجهات ممثلة مثل الحركات العمالية، يجب ان يعلم أن مثل هذه الحركات تاريخياً تنتج عن الحراك وليس قبله، كما أن هناك عائق أن تشكيل النقابات ممنوع بدول اللجوء.
الفئة المحايدة – ماذا لو؟
الشريحة المحايدة في رأيها، على قلة عددها، لكن كان لها للبعض منهم في أن ينظم الإضراب في كافة دول الجوار.
وطرحت فئة من المحايدين أسئلة تتبنى بشكل غير مباشر رفض الإضراب، وهي عن ردود أفعال أصحاب العمل، بالإضافة إلى مصير من يتوقف عن العمل ولو ليوم واحد، وما اذا كان هناك نتائج مرجوة من الإضراب حتى لو أضرب جميع السوريين في تركيا.
مد وجزر
حمل عدد كبير من السوريين الائتلاف والحكومة المؤقتة مسؤولية كبرى على عدم صدور أي بيان أو تصريح رسمي يوضح موقفهم من مطالبات السوريين.
وحاولت المهاجرون الآن الحصول على تصريح من بعض القيادين في الإئتلاف السوري والحكومة السورية المؤقتة، لكن لم يكن هناك رد.
وانتقد السوريون الصمت الذي التزمته هذه المؤسسات والتي حسب تعبير الكثير من المنتقدين تدل على عجزهم عن اتخاذ أي قرار يخص السوريين في دول الجوار، الأمر الذي جاء بالتزامن مع هدم السلطات اللبنانية لمخيم يقطنه بعض اللاجئين السوريين في قب الياس بقضاء بعلبك.
وبنفس السياق أصدرت اللجنة السورية التركية المشتركة، بياناً نشرته على صفحة الفيسبوك، أكدت فيه أن هناك من يسعى لتدمير العلاقات بين الشعبين السوري والتركي، عبر دعوات لا تصب في مصلحة الشعبين الشقيقين، (في إشارة إلى دعوات للسوريين للإضراب العام).
تصريح للجنة السورية التركية المشتركة إن العلاقات بين الشعبين السوري والتركي هي علاقات أخوة وتجمعنا الكثير من الروابط...
Posted by اللجنة السورية التركية المشتركة on Wednesday, September 7, 2022
ورأى سوريون أن هذا البيان غير موفق ويحمل لهجة تهديد مبطنة مرفوضة، منتقدين أنه وعوضاً عن متابعة شؤون السوريين، يقومون بتوجيه التهديد لهم، مما يؤكد على ارتهانهم وعجزهم، وبالتالي عدم احترام بيانهم او الإنصياع له.
عنصرية متنامية
يعيش السوريون منذ أشهر في قلق دائم من الترحيل إلى سوريا، أو القتل على يد عنصرين بتحريض من أحزاب المعارضة التركية، خاصة بعد تزايد موجة التحريض عليهم، ومما فاقم هذا القلق تصريحات بعض المسؤولين الأتراك عن إمكانية التقارب مع النظام السوري الذي يحكمه بشار الأسد وإعادة العلاقات معه.
ملاحظة هامة:
هذا الإستطلاع قامت به المهاجرون الآن، ويعبر عن رأي الشريحة التي استهدفتها المنصة عشوائياً، ولايعبر عن المهاجرون الآن أو محرريها بأي حال من الأحوال.
قد تحب أيضاe
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!