-
هولندا: لاجئون يروون قصص هجرتهم غير الشرعية من مخيمات هولندا (2)
-
حلقة رقم 2
أمستردام (تير أبل) - خاص - محمد عيد
تواصل منصة المهاجرون الآن بعد نشرها لقصة "سيماز.ص" تسليط الضوء من مخيم تير إبل شمال هولندا على استعراض قصص بعض المهاجرين حول تفاصيل رحلاتهم الشاقة، بغية الوصول إلى هولندا.
أبو جاسم.س وزوجته عائشة.ن تحدثا لمنصة المهاجرون الآن عن تفاصيل الرحلة التي عاشا تفاصيلها، والتي استمرت أكثر من ثلاثة شهور ونصف، انطلاقا من المنطقة الجنوبية في سوريا إلى مدينة بنغازي الليبية، عبر سفرهما بالطائرة من مطار دمشق إلى مطار بنغازي.
بدأت قصة أبو جاسم في بداية شهر آب (أغسطس) عام 2021، عندما أراد السفر خارج سوريا بحثا عن مستقبل يعطيه الأمان الذي ينشده جميع السوريين منذ عقود.
وبدأات تفاصيل رحلة أبو جاسم عندما تعرف على أحد السماسرة السوريين، الذي كان يعرض خدماته للناس مقابل مبلغ مالي في تسفيرهم إلى ليبيا وتوفير التأشيرة لهم، فكان الاتفاق المبدئي، بين أبو جاسم والسمسار على مبلغ مالي وقدره 1500 دولار لكل شخص، للوصول من سوريا إلى مدينة بنغازي بعد توفير الموافقة الأمنية.
وصل أبو جاسم مع زوجته إلى بنغازي، وقابلا مهرب ليبي الجنسية، ثم طلب آجار الرحلة من بنغازي إلى طرابلس 400 دولار عن كل شخص، وانطلقت الرحلة بسيارة من نوع كيا برفقة 15 شخصاً، واستمرت الرحلة ضمن الصحراء لمسافة 300 كم، بعدها توقف المهرب في منطقة مهجورة، وطلب من المهاجرين النوم ضمن فيلا لليوم الثاني، حتى يؤمن الطريق، بالاتفاق مع المليشيات المسيطرة على المنطقة.
انطلقت الرحلة في اليوم الثاني بسيارة بيك آب عبر طرق صحراوية وعرة، واستمر السائق بالقيادة أكثر من 5 ساعات متواصلة حتى تم الوصول إلى طريق معبد، واستلمتهم إحدى الميلشيات لتأمين دخولهم إلى مدينة طرابلس.
بعد وصول أبو جاسم إلى طرابلس كان قد اتفق مع أحد أصدقائه السوريين باستئجار منزلاً له في طرابلس لمدة 25 يوما، حيث تواصل خلال هذه الفترة مع مهربين للخروج باتجاه إيطاليا، وبعد هذه المدة تم تحديد موعد الرحلة، التي انطلقت ليلا بعد تأمين قارب خشبي سعته التقديرية 75 شخصا، بينما كان عدد المهاجرين يتجاوز 130 شخصا، وبعد 1.5 كم من انطلاق القارب بالبحر.
بدأت المياه تتسرب إلى القارب، مما أثار الولع والخوف لدى الجميع وتعالى الصراخ، وأثناء ذلك جاءت الميليشيات الليبية لسحب القارب، ومن المفارقات العجيبة، بحسب رواية أبو جاسم، أن جماعتين من الميليشيات سارعا بالتنافس من أجل أخذ المجموعة للحصول على المال من الركاب، لقاء عملية الإنقاذ، وأخذت إحدى الميلشيات الركاب، وأفرجت عن النساء، واحتجزت الرجال، ولم تفرج عنهم، إلا بعد دفع مبلغ 500 دولار.
خرج أبو جاسم بعد 4 أيام من الحجز والتقى بزوجته، ليبدأ رحلة البحث من جديد عن مهرب آخر، إلى أن وجد مبتغاه، وتواصل مع مهرب جديد وفر له شقة، وقطن بها لمدة شهر مع زوجته، وجاء موعد الرحلة باتجاه إيطاليا، التي انطلقت ليلا بقارب طوله 17 مترا وعلى متنه 14 شخصا، ويسير بمحركين، ومع دخول المركب المياه الإقليمية الإيطالية، بدأت أمواج البحر ترتفع لأكثر من متر ونصف، وكانت دوامات المياه تحيط بالقارب، ولكن أكثر ما أثار رعب الركاب، بحسب رواية أبو جاسم كانت العاصفة المطرية التي حدثت ليلا، ولكن بعد 15 ساعة في البحر، وصل مركب أبو جاسم المياه الإقليمية الإيطالية، وأثناء ذلك توقف إحدى محركات القارب قبل الوصول إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية بحوالي 12 كم، وخلال هذه الفترة بدأ ينفذ الوقود من القارب، وتوقف قبل 9 كم من الجزيرة، فحاول الركاب الاتصال بخفر السواحل الإيطالية من خلال هاتف الثريا، ولكن للأسف، تعطل بعد تسرب المياه إليه نتيجة الأمواج العالية التي كانت تضرب القارب، ولكن لحسن حظ الركاب يقول أبو جاسم كان أحد الركاب يملك هاتف مع خدمة تجوال دولي، فاتصل بالرقم 112، وجاءت النجدة من خفر السواحل الإيطالي، بعد أن أرسل طائرة حددت موقعهم، وتم نقلهم إلى جزيرة سيسيليا الإيطالية بالباخرة بعد أن بصموا البصمة الجنائية.
انتقل أبوجاسم برفقة زوجته إلى روما من جزيرة سيسيليا، بعد حجرهم صحياً لمدة 14 يوما، بسبب تفشي فيروس كورونا أثناء تلك الفترة، ومن روما سافرا إلى ميلانو، ثم ركبا توجها إلى سويسرا، وهناك ألقت الشرطة السويسرية القبض عليهما، وأعادتهما من جديد إلى منطقة كومبو الحدودية في إيطاليا.
في كومبو كان يوجد الكثير من السوريين في المنطقة يبحثون عن طريقة للذهاب إلى المانيا وهولندا والدول المجاورة، وخلال هذه المرحلة تواصل أبو جاسم مع صديق سوري، كان يحاول مساعدته للذهاب إلى ألمانيا، ولكن كان الطريق شديد المراقبة، فقرر العبور من الحدود الإيطالية إلى فرنسا مع زوجته بالاتفاق مع مهرب من تلك المنطقة، ووصلا إلى مدينة نيس الفرنسية ثم باريس، ومن هناك استقل محطة القطارات ووصل إلى العاصمة الهولندية أمستردام، ليحقق حلمه في الوصول إلى بر الأمان بعد رحلة شاقة استمرت أكثر من ثلاثة شهور ونصف، وبلغت كلفتها حوالي 10 ألاف دولار مع زوجته.
لا يزال أبو جاسم وزوجته ينتظران إجراءات الحصول على الإقامة الدائمة، على أمل الانطلاقة بحياة جديدة، بعيدا عن بلده الأم الذي أصبح مرتعا للعنف والفقر والتشرد.
قد تحب أيضاe
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!