الوضع المظلم
الإثنين 30 / سبتمبر / 2024
  • محمد طباع: من أعماق المسابح إلى ريادة الأعمال في المهجر

  • السباحة بالنسبة لي هي شريان الحياة الذي لا أستطيع التخلي عنه، ودخولي عالم الأعمال جاء من خلالها
محمد طباع: من أعماق المسابح إلى ريادة الأعمال في المهجر
محمد الطباع - الصورة من المصدر

إسطنبول - خاص - تيسير الكوجك

تسلط المهاجرون الآن الضوء على قصة الدكتور محمد طباع التي تعتبر نموذجًا مُلهمًا لشخصية رياضية تحوّلت في المهجر من بطل في ميادين السباحة إلى رجل أعمال ناجح، وهو الذي استطاع بفضل مهاراته الرياضية الانتقال إلى عالم الأعمال وتحقيق نجاحات كبيرة على الصعيدين المهني والشخصي.

منذ طفولته، أظهر محمد طباع عشقاً كبيراً لرياضة السباحة، التي كانت المحرك الأساسي لحياته. بدأ رحلته مع السباحة في المسبح البلدي بدمشق عام 1972، وهو لم يتجاوز السادسة من عمره. كان لهذا البدء المبكر دور كبير في صقل مهاراته وتطويرها بسرعة، ليتحوّل لاحقاً إلى بطل سوريا للناشئين في السباحة عام 1979، مما فتح له أبواب المشاركة في أول منتخب سوري للناشئين للسباحة، والذي خاض منافسات أوروبية ودولية مثل بطولة أوروبا ودول حوض البحر المتوسط.

لم تقتصر مسيرته الرياضية على السباحة فقط، بل امتدت لتشمل كرة الماء أيضاً، وهو المجال الذي تألّق فيه بشكل كبير. منذ تأسيس رياضة كرة الماء في سوريا، كان محمد طباع واحدًا من اللاعبين الذين شاركوا في كافة فعاليات هذه الرياضة حتى توقفت بشكل نهائي في عام 2012. خلال مسيرته الطويلة في هذا المجال، حصد العديد من الميداليات والمراكز المشرفة على المستويين الإقليمي والعربي. ومن أبرز إنجازاته فضية البطولة العربية عام 1987، وفضية بطولة الأندية العربية مع نادي ميسلون في عام 1995.

إلى جانب أدواره كلاعب، تبوأ طباع العديد من المناصب القيادية في الساحة الرياضية السورية. وكان من بين أبرز المناصب التي شغلها رئاسة اللجنة الفنية السورية لكرة الماء، حيث سعى من خلال هذا المنصب إلى تطوير اللعبة في سوريا ووضعها على خارطة الرياضة الإقليمية. كما خاض تجربة احترافية خلال فترة اغترابه في الاتحاد السوفيتي، حيث مثّل فريق الجامعة في عدة مناسبات، ولعب مع فريق دينامو كييف بين عامي 1991 و1994.

عودة إلى شغف السباحة

بعد سنوات من الانقطاع عن السباحة، عاد الدكتور محمد طباع وهو بعمر 59 عاماً إلى ممارسة هذه الرياضة، التي لطالما اعتبرها شريان حياته، وعن هذه العودة، يقول لمنصة المهاجرون الآن: "كانت عودتي إلى السباحة قدرية، وجاءت بشكل غير متوقع، ففي 19 أكتوبر 2023، تلقيت اتصالاً من أخي وصديق عمري المدرب العالمي شوكت المصري (أبو نعيم)، الذي كان حريصًا جدًا على عودتي إلى الميدان، كانت هذه المكالمة هي الشرارة التي أشعلت رغبتي في العودة، وله يعود الفضل الكبير في ذلك."

بعد عودته إلى السباحة، أصبح طباع واحدًا من أبرز المتنافسين في بطولات السباحة للماسترز في تركيا، وقد أحرز منذ نهاية عام 2023 وحتى اليوم مجموعة كبيرة من الميداليات، بلغت 12 ميدالية ذهبية، 20 فضية، و8 برونزية، وهو ما يؤكد أن موهبته لم تتراجع رغم السنوات الطويلة من الابتعاد عن الرياضة.

تطور مستوى السباحين السوريين في المهجر

عند سؤاله عن تطور مستوى السباحين السوريين في المهجر، يوضح الدكتور طباع لـ"المهاجرون الآن" أن هذا الموضوع يعتمد على عدة عوامل، منها البيئة المتاحة والظروف المحيطة بالرياضي، يعقب: "رياضة السباحة تختلف عن غيرها من الرياضات، فهي تحتاج إلى بنية تحتية خاصة وتوفير مسابح مناسبة للتدريب، وهذا لا يتوفر بسهولة في المهجر. لن نستطيع رفع مستوى السباحين السوريين إلا إذا تم إنشاء هيئة رياضية خاصة ترعى هذا الجانب وتوفر الإمكانيات اللازمة."

ويؤكد طباع أن تطوير المستوى الفردي ممكن بالتأكيد إذا توافرت الكفاءة والإرادة والرغبة لدى السباحين السوريين، لكنه يشدد على ضرورة وجود إطار قانوني ومؤسساتي يساعد في تحقيق ذلك على نطاق أوسع.

تأسيس ناد رياضي للمهاجرين السوريين

فيما يخص تأسيس ناد رياضي للمهاجرين السوريين، يؤكد محمد طباع في حديثه لمنصة "المهاجرون الآن" أن هذه الفكرة كانت دائماً من أولوياته منذ التسعينات، ففي ذلك الوقت، خلال تواجده في العاصمة الأوكرانية كييف، عمل مع مجموعة من اللاعبين السوريين على تشكيل فريق لكرة الماء. لكن الفريق لم يستمر لفترة طويلة بسبب عدة تحديات.

اليوم، يعمل طباع مع مجموعة من رجال الأعمال السوريين على تأسيس نادٍ رسمي لكرة الماء للمهاجرين السوريين. ويقول: "بدأنا بالفعل باتخاذ الخطوات القانونية لتأسيس النادي، وعند الانتهاء من إجراءات الترخيص، سنتواصل مع اللاعبين السوريين المهاجرين في أوروبا وندعوهم للمشاركة في البطولات الدولية، وأبرزها بطولة العالم التي ستُقام في سنغافورة."

تشبيك بين الرياضة والأعمال

عمل الطباع في شتى التخصصات الخدمية و التعليمة و دخل ميدان التجارة و سوق العقارات، "كل هذا يعود الى المخزون الكبير الذي اكتسبته طوال سنين من تواجدي في ميادين الرياضية الانضباط و الصبر والمرونة والاستمرار و عدم الاستسلام والأخذ بالأسباب كلها عوامل اساسية موجودة في جينات الرياضي بالإضافة الى العلم الذي لا غنى عنه ولم اتوقف على تحصيله حتى الان بدايته كانت جامعة الاقتصاد في دمشق مرورا بحصولي على الدكتوراه من جامعة كييف 2001، مع حضوري عشرات المؤتمرات والندوات التي تزود مسيرتي، فالأساس في دخول عالم الأعمال والثابت و الاستمرار امتلاك كل ما تم ذكره سابقا"، يقول لـ"المهاجرون الآن".

يرى الدكتور محمد طباع أن هناك علاقة وثيقة بين الرياضة ونجاح رجل الأعمال، ويوضح أن الرياضة تعلم الشخص العديد من المهارات التي تفيده في عالم الأعمال، مثل الثقة بالنفس، التواصل الجيد، والصبر. ويقول: "الرياضة أعطتني الكثير. لقد عشتها في جميع مواقعها: كلاعب، مدرب، حكم، وقائد. هذه التجارب أكسبتني خبرات قيمة ساعدتني في حياتي المهنية."

من خلال الرياضة، استطاع طباع أن يبني شبكة علاقات قوية مع مختلف الفئات المجتمعية، وهو ما سهل عليه دخول عالم الأعمال. ويضيف: "الرياضة لا تعطيك فقط اللياقة البدنية، بل تمنحك أيضًا المرونة الذهنية التي تساعدك على مواجهة التحديات وتحقيق النجاح في أي مجال تدخل إليه."

تجربة المهاجرين السوريين في الأعمال والرياضة

ينظر طباع إلى تجربة المهاجرين السوريين في عالم الأعمال والرياضة على أنها تجربة مليئة بالتحديات. ويقول: "الانتقال من الرياضة إلى الأعمال يتطلب فكرًا رياديًا، وإدارة جيدة، وأدوات مساعدة. كل هذه المقومات اكتسبتها من تجربتي في الرياضة. الرياضة كانت وما زالت جزءًا كبيرًا من شخصيتي، فهي منحتني الصبر والانضباط والقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة."

بالنسبة لتجربة السباحين السوريين في المهجر، يعبر طباع عن أسفه لأن تواجدهم في البطولات الرياضية الدولية لا يزال محدودًا جدًا، باستثناء بعض الإنجازات الفردية. ومع ذلك، يعتبر طباع أن بطولات الماسترز التي شارك فيها في تركيا وأوروبا دليل على أن الرياضي السوري قادر على المنافسة إذا توفرت له الفرص المناسبة.

مسيرة في عالم الأعمال

عندما يتحدث الدكتور محمد طباع عن مسيرته في عالم الأعمال، يعبّر عن قناعته بأن النجاح هو نتيجة العمل الجاد والمستمر. ويقول: "لم أشغل نفسي يومًا بتقييم مسيرتي. كنت دائمًا أركز على اتخاذ القرارات الصحيحة والاستعداد الجيد، بغض النظر عن النتائج. في بعض الأحيان، قد تخيب التوقعات رغم كل التحضيرات، وفي أحيان أخرى، تكون النتائج مذهلة وتفوق التوقعات."

ويضيف: "في مسيرتي، حققت نجاحات كبيرة، وواجهت أيضاً إخفاقات، لكن لم يتغير موقفي أبداً: النجاح كان حافزًا للتوسع، والفشل كان فرصة للمراجعة وإعادة الحسابات."

طموحات المستقبل

على الرغم من إنجازاته الكبيرة، ما زال الدكتور محمد طباع يطمح لتحقيق المزيد، على الصعيد الرياضي، يسعى للمشاركة في ماراثون بطولة العالم في دبي، كما يهدف إلى إحراز بطولة العالم للماسترز. ويعمل أيضًا على تسجيل اسمه ضمن قائمة الأبطال الذين يعبرون سباق المانش.

أما على الصعيد المهني، فإن طموحاته لا حدود لها. يقول طباع: "أطمح لتوسيع نطاق أعمالي وتسجيل اسم (الأغر) ضمن العلامات التجارية العالمية المشهورة."، التي اطلقها في يوليو تموز 2020، في مدينة إسطنبول، حيث كانت هناك الانطلاقة الحقيقية لسلسلة مطاعم الشاورما المتخصصة في تقديم شاورما الدجاج واللحم فقط، وحاليا يملك 8 فروع في تركيا واخرها في مدينة غازي عنتاب.

تصويت / تصويت

هل الهجرة واللجوء إلى دول الغرب

عرض النتائج
الحصول على الجنسية
0%
حياة افضل
25%
كلاهما
75%

ابق على اتصال

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!