-
الأشباح: فيلم فرنسي تطارد معه جلادي المعتقلين في أوروبا...قلق وتوتر ودموع
صخر ادريس - باريس
مجموعة اشخاص بوجوه شاحبة منهكة في شاحنة قديمة أنزلهم جنود قساة بطريقة مهينة، ثم ألقوهم شبه أشباح لمصير مجهول، في صحراء مترامية. يطلب جندي من أحدهم الاسراع في المشي، جندي اخر يعقب ببرودة قاتلة: "اتركه...هو ميت اصلاً."
وصلتني دعوة لحضور الفيلم الفرنسي "الاشباح" على مسرح سينما باريسية، ورغم المرور السلس، لكن الازدحام كان مسيطراً منذ البوابة الرئيسية.
دخلت القاعة التي تتسع لأكثر من 400 كرسي، بدت شبه فارغة عند دخولي قبل العرض بقليل والرواد مبعثرين، ظننت نفسي مبكرا، لكن سرعان ما امتلأت عن بكرتها.
تجمعني صداقة قوية بحلا رجب التي دعتني لمشاهدة الفيلم، حيث شاركت فيه كممثلة ومستشارة سيناريو، بالإضافة إلى دورها في اختيار الممثلين لمطابقة شخصياتهم مع الدور في الفيلم (مديرة كاستينغ).
كانت تحدثنا عن الفيلم أثناء التحضير له، تروي عنه بشغف شديد، فهو يعبر عن هويتها الانسانية في الصراع التاريخي لأجل العدالة والحريات، وهي ابنة مناضل سوري عتيق توفي منذ اعوام نتيجة اعتقاله السياسي، وتذوقت مرارة هذا الصراع الآسن كغيرها من عائلات المعتقلين في سوريا لعقود خلت.
يأخذك الفيلم في رحلة مشحونة بشد الأعصاب، تعززها الموسيقى التصويرية حدةً وقلقاً رغما عنك، في مشاهد متسلسلة عن ناج من الزنزانات تعرض لتعذيب شديد أثناء اعتقاله (نفس الشخص الذي نهره الجندي مطالباً اياه بالإسراع)، يُصدم بوصول جلاده إلى فرنسا، يترك كل شيء، وينشغل بملاحقة هذا الجلاد مثل ظله للتأكد من هويته، فهو لا يعرفه بالوجه، عيونه كانت معصوبة ورأسه مغطى بالكيس أثناء التعذيب.
نعم، لقد هز الفيلم كياني، وأبكاني، وانا الذي أدعي قوة اعصابي وبأسي الشديد في الاحتمال، تباً، هذه كارثة أن اشعر بضعف كامن اقاومه، لكنه خرج من بين مقلتي دون استئذان في عالم قاتم يلفه الظلام، يحكمه العنف والقهر...لم أظن يوما أن فيلماً سيخترق أعماقي!
وصف دقيق مؤلم، وشهادة حية لما يعانيه المعتقل في سوريا من كوابيس مروعة تطارده بعد نجاته من الزنزانات السورية عن ذكريات تعذيبه، رغم نجاته ولجوئه إلى أوروبا. وعوضاً عن البدء في حياة جديدة، إلا أنه ينغمس في البحث عمن كان يعذبه، ويجري عليه الاختبارات الكيمائية في اسقاط مذهل على جرائم النازية الألمانية.
تتحول مطاردة الجلاد هاجساً لتحقيق العدالة، والمعتقل رغم عصب عينيه أثناء التعذيب، لكنه استشعر طول جلاده من تنفسه الذي كان يزفره على وجه المعتقل، ليزيد عذابه بعد لقاء افتعل المعتقل الصدفة فيه مع المجرم للتأكد من هويته، لتصدمك النهاية غير المتوقعة.
الفيلم له طابع وثائقي واقعي، ابتعد عن تأثيرات هوليود المعتادة، انتهى بالتصفيق الشديد، ودموع...دموع كثيرة لحظتها باطراف عيناي على وجوه بعض الحضور.
العلامات
قد تحب أيضاe
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!