-
مين هم المؤثرين؟
عامر قنواتي: ناشط مدني
في كل زمن وكل ظرف يختلف مكان التأثير ودور الأشخاص في التأثير، فدور المخترع مثلا في فترة الثورة الصناعية كانت من أبرز أدوار تغيير حال الأمم وبعض الدول مازالت تعيش حالة ازدهارها نتيجة تفوقها في تحصيل براءات الاختراع في زمن سابق.
طبعا من غير الخفي أن السياسيين وخاصة القادة منهم هم أهم المؤثرين على مستوى العالم فهم عند وصولهم مناصب في الدولة قادرين على تحويل حالة شعوب كاملة من جحيم إلى نعيم أو العكس بالعكس.
كما أيضا ليس من الصعب فهم دور المفكرين والمنظرين والحكماء والفلاسفة والمشتغلين في علم الاجتماع في تغيير الوعي الجمعي لمجتمعات محددة.
كل هذه أنواع مهمة وقيمة وجوهرية في التأثير، لكن لها تقييمها النخبوي والتخصصي الحازم، وهؤلاء الأشخاص عادة لا تكون مهتمة برأي العوام (باستثناء انواع من الساسة) ولا تقدم مادة تجعل لها شعبية أو لا تنتج مفاهيم بناءً على الطلب (عدا السياسيين الشعبويين).
اقرأ هذا الخبر: الموسيقى المرتبطة بالحنين لها تأثير مباشر على الدماغ
في الوقت الحالي هناك نوع آخر من التأثير ، مع نزعة مقاومة لهذا التأثير ، وهو تأثير المشاهير ، نحن في طفرة تكنولوجية غريبة جدا والانترنت جزء من حياة غالب سكان الأرض ، والمحتوى بأنواعه يعد أكبر حركة اقتصادية في العالم حاليا ، والترفيه من خلال الفرجة هو أكبر ما يتم استهلاكه، لذلك صانع المحتوى حاليا يحمل وزن كبير جداً في التأثير لأكثر من ناحية ، فهو يستطيع الولوج إلى عقول متابعيه بسهولة أكبر بكثير من قدرة عالم اجتماع ، يستطيع التأثير في قرارات الناس السياسية أكثر من سياسي ، ويستطيع التأثير على المنصات نفسها حين ينتقل من منصة لأخرى ، كما يستطيع إنشاء وعي جديد لأمة.
كل هذه الأفكار ستورد إلى عقولكم أمثلة أثناء قراءتها ولكن سأخصص أمثلة مثل باسم يوسف الذي كان صاحب تأثير كبير ودور محوري في الفهم السياسي لقسم كبير للجمهور العربي حول حال مصر في زمن معين، والذي حققت مقابلته مع موريس مورغان رقما قياسيا بعد أحداث أكتوبر في غزة، أيضا الدحيح حاليا هو جزء من الوعي المعرفي لأكثر من جيل.
وسواء أعجبنا أم لم يعجبنا فإن المشهور وإن كان محتواه تافه في تقييمنا يمتلك سلطة قوية على جمهوره ومصداقية عالية، ويستطيع توجيهه إلى اتخاذ قرارات حياتية بسيطة أو حتى كبيرة ويستطيع أن يكون نافذة قسم كبير من متابعيه على جانب أو أكثر من جوانب الحياة.
اقرأ هذا الخبر: قص شعر المشردين مجاناً في ألمانيا...مبادرة رمضانية أطلقها مزين سوري
تنبع المقاومة من ميزان اللاعدالة في ميزاننا البشري، حيث نشعر بأن من المؤسف أن عالم الزلازل الذي يتنبأ بأشياء تهم مصير حياة الناس هو أقل متابعة أو أقل شهرة من لاعب كرة قدم.
والحياة ولا مرة انتظرت معايير العدالة التي يفضلها البشر الحياة تفرض نفسها، وتصبح أكثر راحة لمن استطاع تطويع واستخدام طوارئها وجديدها، وهكذا هو موضوع التأثير من خلال المحتوى، يذهب العالم لتوظيفه وتذهب الدول لدمجه في اقتصاداتها، ويذهب السياسيون إلى المشاهير الأكثر شعبية ليحشدوهم لصالحهم في حملاتهم الانتخابية.
يمكننا أن نرفض التفاهة ونسعى لتحييدها ونحاول تحسين المحتوى في عالمنا، ولكن إنكار وجود تأثير لمقدمي المحتوى التافه هو محاولة للاختباء خلف الإصبع هو محاولة غير واعية من عقولنا لتحقيق عدالة نعتقدها ولا يمكن أن تحصل.
صانعي المحتوى وصانعي الفرجة (الممثلين، أصحاب عروض الخفة وغيرهم) وصانعي المتعة (المغنين والموسيقيين وغيرهم) في عصرنا الحالي لديهم قدرة تأثير أكبر بكثير مما نعتقد، ومحاولة القفز فوق هذه الحقيقة لا ينهيها، بل يزيدنا تأخرا في ملف جديد بعد تأخراتنا المتراكمة، لكن هذه المرة سنتأخر في مجال سهل وبسيط وقد نستطيع من خلاله أن يكون لنا مساحة أفضل في مجالات متعددة لو اشتغلنا على توظيف هذا المجال بدل القفز فوقه.
العلامات
قد تحب أيضاe
الأكثر قراءة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!