-
الطريق إلى متحف الآثام...شذرات مهاجرة توثق تجوال سنوات
-
نصوصاً نثرية وشذرات جاءت على هامش اليوميات التي عاشها المؤلف خلال هجرته في عدة بلدان
خاص
صدر حديثاً عن دار المحرر في القاهرة كتاب "الطريق إلى متحف الآثام" للكاتب والصحفي السوري علي سفر.
يحتوي الكتاب نصوصاً نثرية وشذرات جاءت على هامش اليوميات التي عاشها المؤلف خلال هجرته في عدة بلدان خلال السنوات الماضية.
نصوص العمل الأدبي تصب في موضوع شبه وحيد هو الكارثة السورية، وانعكاسها على الذات، مع قليل من النظر صوب العاطفة التي سرعان ما تصطبغ بألوان الحرب.
يقول علي سفر لمنصة المهاجرون الآن: "لدي جرعة ذكريات مؤلمة أثناء رحلة تجوالي في عدة دول، رغبت بتوثيقها ضمن عمل أدبي، بعد تجارب مريرة، في نصوص نثرية، كتبتها كي لا أنسى ما يجعلنا الزمن ننساه".
وتخرج علي سفر من جامعة دمشق قسم الدراسات المسرحية، ويقيم حالياً في فرنسا.
عمل في المسرح السوري، إضافة للكتابة الصحفية منذ نهاية الثمانينيات، كما كتب في الصحافة السورية والعربية.
مارس عمله في الصحافة المرئية بالتلفزيون السوري، والمسموعة، وساهم في انشاء عدة اذاعات سورية، كما عمل في إدارة التحرير لعدد من المواقع والمجلات السورية، تولى مواقع إدارية في بعض المؤسسات الإعلامية حيث أدار قسم الترويج في التلفزيون السوري، ثم مديرا برامج تلفزيون سوريا في إستانبول.
وأخرج عدداً من الأفلام الوثائقية، ونال جائزة الإبداع الذهبية لأحسن إخراج عن فيلمه "مطموراً تحت غبار الآخرين" في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 2008، شارك في تحكيم عدد من المهرجانات المسرحية والسينمائية.
أعمال سابقة
- "بلاغة المكان" شعر،1994 ط1، دار الينابيع، دمشق، 2021 ط2، دار موزاييك، إسطنبول.
- "صمت"، شعر، 1999، دار الشموس، دمشق.
- "يستودع الإياب" شعر، 2000، دار الشموس، دمشق.
- "اصطياد الجملة الضالة" 2004، بيت الشعر السوري، دمشق.
- ملف الشعر التسعيني في سورية – مجلة الشعراء العدد 26 – خريف 2004، رام الله، فلسطين.
- "طفل المدينة" شعر،2012، دار أزمنة، عمان.
- "يوميات ميكانيكية"، 2013، دار نون، الإمارات.
- "الفهرس السوري"، 2018، دار المتوسط، ميلانو
- سينما على قارعة الرصيف، 2019، دار ميسلون، إسطنبول.
- حبر الشاشات المطفأة: تحرّي أحوال السينما السورية ونقدها، 2022، دار موزاييك، إسطنبول.
- الطريق إلى متحف الآثام، نصوص، 2023، دار المحرر، القاهرة.
من نصوص المجموعة:
1
أُرجُوحَة الموْتِ الدَّائريَّة
نَقفِز وَسطُها،
نَهرُب حَولُها،
لَكِنهَا تَبقَى تَلتَف
وتأْخذ مَا تُريد...
2
وسألَني عن الموْتِ، فَقُلت: لَم أُفكِّر فِيه بِمَا يَكفِي لِأفْهَمه...
وسألَني: أَيْن سأنْتَهي، فَقُلت: هذه الطريق لا تنتهي...
وسألَني عن الشَّاهدة،
قَلَّت: بَيْضاء مِثْل قَلْب،
شَاخِصة كَطائِر لَا يُدْرِك الجهَات...
3
يُصْبِح النَّاس طُيورًا بَعْد الموْتِ...
الأشْرار تَأكُلهم حيوانات مُفترسَة مُسْتعْجلة
يُصْبِح الحكماء بِطاريقَّا
يُديرون ظُهورهم لِلْمشْهد اَلجدِيد!
4
لَم أَعُد أَملِك كلماتٍ أُعبِّر بِهَا عن الحُزن،
كُلُّ مَا أقُوله مُكَرر مِثْل لِفافة تبغ...
قرأْتُ نصًّا عن المنْفى أَبكتْنِي سُطوره اَلأُولى، ثُمَّ أكْملَتْه بِعَين النَّاقد المتربِّص البغِيض... أَفهَم كَيْف يحُوّل المنْفيّون الآخرين إِلى أَعدَاء،
وأفْهم أيضًا كَيْف لِكلمة يهْمسُهَا مَنفِيّ إِلى مَنْفيٍ آخر أن تَبكِي البشر...
أَهربُ مِن اَلحدِيث عن أَسبَاب اَلحُزن القادمة مِن البلَاد، بابتكار حِكاية جَدِيدَة، لَا تْختْلف عن غَيرِها سِوى فِي نَوْع الموْتِ؛
الْمَوْتُ القادم مِن جِهة المنْفى، يَقبَع فِي المرْتبة الأدْنى مِن سُلَّم طَبَقات الفجائع.
5
بِانْتظار الثَّلْج فِي إِسْطنْبول، يَمُوت طفلٌ فِي مِيَاه تَعلُو فَوْق أنْفاسه وَصُورَة أُمِّه التي سبقتْه حِين أهْدتْهَا السَّمَاء بِرْميلًا وركام!
يَبكِي المؤْبنون فَوْق جُثَث مُرَقّمَة، قَبْل أن تُطمر ويُنْسى مَعهَا اسم قَاتِل اَلجمِيع...
تَتَكسَّر أَصابِع طِفْلَة تَطرَّق طَبلَة فِي شَارِع الاسْتقْلال،
يَطرُد نَادلٌ أُختها وقد كانت تشحذ مِن بارٍ قريب!
سَوَاد اللَّيْل لَم يَعُد يَكفِي، ولَا اشتهاء العمَاء!
رُبمَا يَنفَع هذَا الثَّلْج، كيْ يَختَفِي كُلُّ شَيْء، لِيَوم أو لِساعة، وأقدر على خِدَاع القلْب والنَّوْم...
مِثْل مَيِّت، لَا يَخَاف اَلْمَوتى وَهُم يَعبُرون!