-
خلال رحلتهم لإيطاليا.. عائلة سورية تتشرذم بين الجانبين اللبناني والليبي
-
جدّ سوري يُناشد ليبيا للإفراج عن أفراد عائلته.. وتركهم لإتمام رحلة البحث عن الأمن والاستقرار
المهاجرون الآن – أحمد قطمة
في ظل انسداد أفق الحياة أمامهم في لبنان، وعدم وصول بلادهم إلى حل سياسي قد يضمن عودتهم، بات البحر ملاذاً أخيراً للكثير من العائلات السورية، التي ضاق بها الحال في لبنان.
فبعد 12 عاماً من التواجد في لبنان، قررت عائلة "أحمد صالح البخاص" المنحدرة من حي بابا عمر في مدينة حمص وسط سوريا، خوض غمار البحر، رغم ما يحمله من مخاطر واحتمالات خطيرة، سعياً لحياة آمنة مستقرة، افتقدوها منذ أكثر من عقد.
لكن رحلات الهجرة غير الشرعية، تحمل الكثير من المتاعب والمخاطر، خاصةً في الفترة الأخيرة، مع تشديد الجانب الأوروبي إجراءاته لمنع وصول اللاجئين إلى أراضي القارة، إن في قبرص أو اليونان أو إيطاليا، وغيرها.
12 عاماً من النزوح إلى لبنان
ومنها ما حل بعائلة "أحمد صالح البخاص" التي تشرذمت بين الجانبين اللبناني والليبي، خلال محاولتها الوصول إلى إيطاليا، وهو ما سرده الرجل الستيني لمنصة "المهاجرون الآن".
حيث قال: "نتواجد في لبنان منذ 12 عاماً، منذ العام 2012، أثناء اجتياح حي بابا عمر في مدينة حمص، ومن كان منا عمره حينها عاماً، أصبح عمره اليوم 14 عاماً، ومن كان عمره 14 عاماً يومها، أصبح عمره 28 عاماً اليوم".
وتابع: "ضاقت علينا الحال، حيث سجلنا في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان، لكن لم يجر اختيارنا في برامج إعادة التوطين، في ظل عدم قدرتنا على العودة إلى سوريا أو التوجه لمكان آخر".
وأردف: "لقد أصبحنا في خطر الترحيل إلى سوريا، في ظل افتقادنا للأوراق الثبوتية الرسمية، مع عجزنا عن الحصول على جوازات سفر أو هويات سورية، شارحاً السبب بالقول: "لا يمكنني الذهاب إلى سوريا، لدي شابان منشقان، ولا يمكننا استصدار جواز سفر سوري، حيث تصل تكلفة الجواز إلى ألف دولار أمريكي، والهوية السورية تستوجب ذهابنا إلى سوريا لاستصدارها، فلم يبق أمامنا سوى البحر".
وتعيش سوريا منذ العام 2011، حرباً طاحنة، مع انتفاض غالبية المناطق السورية ضد السلطة في دمشق، وهو ما أدى إلى تهجير قسري لملايين السوريين، لا يستطيع أغلبهم الدخول إلى المناطق الخاضعة لسلطة "الدولة السورية"، خشية الاعتقال والاخفاء القسري، وهو ما يمنع الكثير منهم، من الحصول أو استصدار أوراق رسمية.
البحر كآخر الحلول
وعليه اختار أفراد من عائلة أحمد البخاص التوجه للهجرة غير الشرعية، والتي تتم بطرق مختلفة، منها عبر زوارق تنطلق من الأراضي اللبنانية، إلى إحدى الدول الأوروبية، كقبرص أو إيطاليا، حيث يواصل المهاجرون من بعدها، رحلتهم إلى مقاصدهم النهائية، وهي غالباً ألمانيا.
وأكمل الرجل الستيني: "توجهت عائلة ابني الكبير والتي تضم 6 أطفال، للسفر عبر البحر"، لكن الجيش اللبناني داهم المهاجرين غير الشرعيين خلال صعودهم للزورق الذي كان سيبحر بهم إلى إيطاليا، وانقسمت بعض العائلات، ومنها عائلة ابنه، إذ ذهبت زوجة الأبن ومعها ثلاثة أطفال، وبقي الأبن وثلاث من بناته على الشاطئ، حيث قام الجيش اللبناني باعتقالهم، ورحلهم إلى سوريا.
وتابع الستيني: "تفاوضنا مع جماعة لها نفوذ بالداخل السوري، بغية الإفراج عن أفراد عائلتي، وقد تم ذلك مقابل دفع 4000 دولار، عن 10 أشخاص (تضم ابنه وأطفاله وأبناء عمومته)".
واستطرد: "أما مَن صعد الزورق، وعددهم من عائلتي نحو 15 فرداً من ضمن نحو 110 أشخاص حملهم الزورق (سوريون ولبنانيون)، فقد وصلوا في اليوم الخامس من الرحلة إلى مشارف جزيرة مالطا، حيث اتصل أحد أفراد عائلتي وقال إنهم مُطاردون من زوارق تحمل العلم الليبي، وقد طلبوا المُؤازرة من مالطا فرفضت، ثم طلبوها من إيطاليا، فجاءت الزوارق الإيطالية وأنقذت 72 شخصاً، بينهم مصابين إثنين".
لينقطع بعدها الاتصال بين أحمد البخاص وأفراد عائلته، قائلاً: "اعتقدنا بأنهم أصبحوا لدى الجانب الإيطالي، لكننا تفاجئنا في اليوم التالي بمقاطع صوتية، يقولون فيها بأنهم محتجزون في ليبيا، ومتواجدون في مرفأ بنغازي، حيث احتجزتهم كتيبة طارق بن زياد، عبر عملية قرصنة، كونهم لم يكونوا يتوجهون إلى ليبيا".
وناشد الستيني أحمد البخاص المنظمات الحقوقية والإنسانية، بالتدخل لمُساعدة عائلته، قائلاً إن إحدى حفيداته اللاتي توجد أمها في الاحتجاز بليبيا الآن، عمرها شهران فقط، كما ناشد السلطات الليبية، لتفرج عن أفراد عائلته، وعدم ترحيلهم إلى سوريا، فيما يمتنع لبنان عن استقبالهم بعد قرارات جديدة صدرت فيه، مفضلاً أن يجري تركهم لإتمام رحلتهم الساعية لحياة آمنة مستقرة.